وذهب ابن خروف إلى أن الناصب ما قبل (إلا) على سبيل الاستقلال، ويبطله أنه حكم بما لا نظير له، فإن المنصوب على الاستثناء بعد (إلا) لا مقتضى له غيرها، لأنها لو حذفت لم يكن لذكره معنى، فلو لم تكن عاملة فيه، ولا موصلة عمل ما قبلها إليه مع اقتضائها إياه لزم عدم النظر، فوجب اجتنابه.

[117] وذهب الزجاج إلى أن الناصب // (أستثني) مضمرًا. وهو مردود بمخالفة النظائر، إذ لا يجمع بين فعل وحرف يدل على معناه، لا بإظهار ولا بإضمار، ولو جاز ذلك لنصب ما ولي (ليت، وكأن) بأتمنى وأشبه.

وفي الإجماع على امتناع ذلك دلالة على فساد إضمار (أستثني) وإذ بطلت هذه المذاهب تعين القول بأن الناصب للمستثنى هو (إلا) لا غير.

واعلم أن المنصوب بـ (إلا) على أربعة أضرب.

فمنه ما يتعين نصبه، ومنه ما يختار نصبه، ويجوز إتباعه للمستثنى منه، ومنه ما يختار نصبه متصلا، ويجوز رفعه على التفريغ، ومنه ما يختار إتباعه، ويجوز نصبه على الاستثناء.

فإن كان الاستثناء متصلا، وتأخر المستثنى عن المستثنى منه، وتقدم على (إلا) نفي: لفظًا، أو معنى، أو ما يشبه النفي، وهو النهي والاستفهام للإنكار اختير الإتباع.

مثال تقدم النفي لفظًا: ما قام أحد إلا زيد، وما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، ومثال تقدم النفي معنى كقول الشاعر: [من البسيط]

248 - وبالصريمة منهم منزل خلق ... عافٍ تغير إلا النؤي والوتد

وقول الآخر: [من الخفيف]

249 - لدم ضائعً تغيب عنه ... أقربوه إلا الصبا والدبور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015