والثاني: كقوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [المائدة /69].

فرفع (الصابئون) على التقديم والتأخير، لإفادة أنه يتاب عليهم إن آمنوا وأصلحوا، مع أنهم أشد غيًا لخروجهم عن الأديان، فما الظن بغيرهم؟ ومثله قول الشاعر: [من الوافر]

149 - وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق

فقدم فيه (أنتم) على خبر (أن) تنبيهًا على أن المخاطبين أوغل في البغي من قومه.

[68] ولك ألا تحمل // هذا النحو على التقديم والتأخير، بل على أن ما بعد المعطوف خبر له، دال على خبر المعطوف عليه.

ويدلك على صحته قول الشاعر: [من الطويل]

150 - خليلي هل طب فإني وأنتما ... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان

وتساوي (إن) في جواز رفع المعطوف على اسمها بعد الخبر: لفظًا، أو تقديرًا (أن، ولكن) لأنهما لا يغيران معنى الابتداء، فيصح العطف بعدهما، كما صح بعد (إن). قال الله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله) [التوبة /3]. كأنه قيل: ورسوله برئ أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015