بعده بشهر وخمسة أيام. وتقدم نظام الملك في الدنيا التقدم العظيم، وأفضل على الخلق الإفضال الكبير، وعم الناس بمعروفه، وبنى المدارس لأصحاب الشافعي ووقف عليهم الوقوف، وزاد في الحلم والدين على من تقدمه من الوزراء، ولم يبلغ أحدٌ منه منزلته في جميع أموره، وعبر جيحون فوقع على العامل بإنطاكية ما يصرف إلا الملاحين. وملك من الغلمان الأتراك ألوفاً عديدة، وكان جمهور العساكر وشجعانهم وفتاكهم من مماليكه. وتحدث أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: سألته عن السبب في تعظيم الصوفية، فقال:

أتاني صوفي وأنا أخدم ابن باخر الأمير التركي فوعظني وقال: أخدم من تنفعك خدمته، ولا تشتغل بمن تأكله الكلاب غداً، فلم أعرف معنى قوله، فأتفق أن ابن باخر شرب من الغد، واغتبق، وكانت له كلابٌ كالسباع تفرسُ السباعَ بالليل، فخلبه السكر وخرج وحده، فلم تعرفه الكلاب فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف، فأنا أطلب أمثاله.

13 - (?)

وولي بعده [يعني رضوان بن تتش] أبو شجاع محمد بن رضوان، وكان لا يحسن أن يتكلم، واستولى على حلب، وله من العمر تسع عشر سنة، وقتل خلقاً من أصحاب أبيه، فاغتالهُ خادمٌ كان خصيصاً به أسمه لؤلؤ في رجب سن ثمان وخمسمائة، وكان ملكه بحلب سنة واحدة.

14 - (?)

وملكها [يعني حلب] بعده [يعني بعد مقتل أبيه تتش] في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة أبنه أبو المظفر رضوان بن تتش تسع عشرة سنة، وتوفي في سحره يوم الأربعاء آخر يوم من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة، وعمره أثنتان وثلاثون سنة، وخلف عيناً وعروضاً تتقارب ألف ألف دينار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015