خيم الفراشين فينام فيها، ولم يزل على مملكته وسيادته إلى أن توفي في الساعة الرابعة من يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة بدمشق، وحمل تابوته إلى بيت المقدس فدفن به.
- 8 - (?)
وفي ليلة الخميس الخامس من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعمائة قتل أبو منصور سعد بن مروان في الحصن المعروف بالهتاخ، وولي أخوه أبو نصر أحمد بن مروان، ولقَّبه بالله نصرَ الدولة، وعدل في رعيته، وتنعم تنعما ً لم يسبق إليه وملك خمسمائة سرية سوى خدمهن وتوابعهن، وكان معروفاً بكثرة الأكل والشرب والنكاح، وتزوج بنات ملوك الأطراف، وكان يجمع في مجلس لذته من الأواني ما يزيد قيمته على مائتي ألف دينار، وكان يصدق بالصدقات الكثيرة. ووقع وبأ في بلاده وكفن في سنة واحدة أربعة عشر ألف إنساناً. وكان لإهل الدين والعلم عنده مقدار عظيم. والتمس مائة ألف دينار يصرفها في بعض حوبه فأحضر له وزيره توزيعاً على أهل الأموال بها فقال: لو أردت أموال الناس لعولت على صاحب الشرط، وإنما أريد ذلك من أمول المتاجرة، فأتاه تاجرٌ بألف دينار فقال: أسألك يا مولانا قبولها في هذا البيكار فإني أكتسيت أمثالها في بعض الأيام، فقال: خذها ولا حاجة لي فيها، وأمر أن يتضدق في خزائنه شكراً لله تعالى في عمارة بلده، وكان بآمد في أيامه أربعة عشر داراً للمرابطين وعشرة آلاف رجل من المجاهدين، وسلاح عظيم، وذلك في وزارة فخر الدولة أبي نصر محمد بن محمد بن جهير لأبن مروان، وتوفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وعمره ست وسبعون سنة وثمانية أشهر، وإمارته ثلاث وخمسون سنة تنقص شهراً واحداً. وولي بعده أبنه نضام الدين أبو القاسم نصر.
- 9 - (?)
ولما مات أبو عبد الله الحسين بن ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان بصور