الثاني لانشعاب الأمور عليه وقيامه بها حتى تجلت. وكان المعتضد يسمى السفاح الثاني لأنه جدد ملك بني العباس بعد إخلاقه وقتل أعداءه، فكأنه أول لهم كما كان السفاح أولا، وقد احتذى على هذا المعنى عليّ بن العباس الرومي فقال يمدحه لما قام بالخلافة:
هنيئا بني العباس إن إمامكم ... إمام الهدى والبأس والجود أحمد
كما بأبى العباس أنشئ ملككم ... كذا بأبي العباس أيضا يجدد
إمام يظل الأمس يعمل نحوه ... تلهف ملهوف ويشتاقه الغد وفي تأخير [هـ] الخراج والنوروز يقول يحيى بن عليّ:
إن يوم النوروز عاد إلى العه؟ ... د الذي كان سنه أردشير
أنت حولته إلى الحالة الأو ... لى وقد كان حائرا يستدير
وافتتحت الخراج فيه فللأ ... مة في ذاك مرفق مذكور
منهم الحمد والثناء ومنك الر ... فد فيهم والنائل المشكور وكان الحسين بن عبد الله الجوهري جاء بهدايا من عند خمارويه بن أحمد وسعى في تزويج ابنة خمارويه من عليّ بن المعتضد، فقال المعتضد: قد علمت إنما أراد خمارويه أن يتشرف بنا، فأنا أتزوجها، فتزوجها بحضرة القضاة وزوجه إياها ابن الجصاص.
ولما ولي المعتضد الخلافة أمر بالزيادة في المسجد الجامع بالمدينة، وأمر بتسهيل عقبة حلوان وقال: هذا طريق الملك، فسهلت إلى الموضع المعروف بدهليزان، وكان الناس يلقون منه تعبا شديدا، فبلغت النفقة عشرين ألف دينار عليهما. وأمر برد المواريث على ذوي الأرحام في آخر سنة ست وثمانين بكتاب ابن أبي خازم القاضي إلى أبي النجم بعد أن سأله بدر عما عنده فيه، وأنشئت الكتب بذلك، وما فعله في أمر النوروز وتأخيره لتأخير الخراج، إنما احتذى ما كان المتوكل فعله وكتب فيه إبراهيم بن العباس الصولي كتابا بتأخيره إلى سبعة عشر يوما من حزيران، فاحتذى المعتضد ذلك إلا أنه جعله لأحد عشر يوما من حزيران.