وانصرف محمد بن علي إلى داره في الدولة كلها، لأن الذين انصرفوا مع أبي المظفر لحقوه. ثم اجتمعوا من الغد في دار الإمارة وحضر وجوه الناس من الأمراء والقواد والوزراء والكتاب والأشراف والقضاة والشهود، وأرسلوا إلى أبي بكر محمد بن علي الماذرائي فحضر، فعرفوه وشاوروه فقال: ما ها هنا مشورة، لم يمت الإخشيد حتى عقد لابنه أبي القاسم أونوجور، واستخلفه المتقى لأبيه، وكناه المكتفي، وأنفذ إليه الخلعة. فأومأوا إليه بأنه صغير ابن خمس عشرة سنة فقال لهم: وأيش يكون؟ أنا عقدت لهارون بن أبي الجيش وهو أصغر منه، ونزعت من أذنيه القرطين. وكانت أم أونوجور بحيث تسمع، فأرسلت إلى محمد بن علي ينوب عنه ويدبر الأمور، فقال: على ألا أنزع الطيلسان، ويكون ابني أبو علي كاتبه، فاتفقوا على ذلك، وكان أبو المظفر عمه حاضرا ينتظر أن يرد الأمر إليه، فتم الأمر لأبي القاسم أونوجور. ولما أنفذ له الأمر قال أبو المظفر لمحمد بن مقاتل: نريد المال، قال: ما عندي مال، فأسمعه أبو المظفر، ووثب عليه أبو بكر ابن كلا ونتف لحيته وأخذ خصاه.
وقال أبو بكر محمد بن على الماذرائي: يطلق الساعة علي بن خلف بن طياب فاطلق له، وقال: ينفى ابن قرماقس إلى الإسكندرية، فنفى لوقته. وانصرف أبو بكر الماذرائي بين الحاضرين من أهل الدولة يزف إلى داره، ونظر فى الأمر كله. وركب أبو القاسم أونوجور يوم الجمعة لصلاة الجمعة في الجامع العتيق في جميع عساكره التي بمصر، وبين يديه عمه أبو المظفر يحجبه، وخلفه أبو بكر محمد بن علي الماذرائي وزيره، فصلى الجمعة، وانصرف في موكب أبيه.