يديه من الجوارح من كل فن ما لم يكن بين يدي خليفة قط، وبين يديه محمد بن تكين، وتكين الخاقاني، وجماعة القواد، فما قدر على شيء من الصيد ولا عصفور، وعاد كاسف البال. فلما بلغ باب البركة التي كان ينزلها قال: لا يبرح أبو بكر ولا أبو على ولا أبو الحسين، فأمر لهم بأفراس حملوا عليها ثم دخل الحمام، وعملت المائدة ليخرج من الحمام ويأكلوا معه، فبينما هو في الحمام إذ خرج الغلمان وقالوا لكافور: الحق الإخشيد، فلحقه وقد غشي عليه في الحوض، فرمى كافور بنفسه في الحوض وأخرجه وصب الماء عليه، ثم أخرجه إلى المسلخ (?) وألبسه ثيابه ثم بخره، ودعا بابن البالسي الطبيب، فسقاه شرابا، وركب وقدمت المائدة وجلست الجماعة معه، ومد يده ليكسر الرغيف فما قدر، فشد يده اليمنى بيده اليسرى فلم يقدر، ففطن له محمد بن تكين فقال: قد أخذت الحمام من الإخشيد ونحن نعود فى غد، فما نطق بحرف، وانصرفوا وحمل إلى مرقده، وابتدأت العله خمسة عشر يوما، وتوفى لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وثارت الفتنة بدمشق، وركب عيسى كيل ليأخذ الدولة، ونهبت خزائن الإخشيد. وكان الإخشيد يتقدم فى كل سفرة ويقول للفرغاني: لا تجعلوا المال في الصناديق فإن الصناديق مطلوبة، بل اجعلوها في الخزائن، قال كافور: في خزائن السلطان. فجعل المال في أعدال الجواشن، فلما ثارت الفتنة ونهبت الأكياس إلى أن سكنت الفتنه، [قال] : أيش نعمل بالمال؟ ثم قال: اطرحوه في البركة فطرحت الأعدال.
وحدثني منصور بن أحمد الصيمري قال: ركب صاحبي في ألف ترس من الديلم، فأرسل إليه كافور ووعده فجاء اليه، فلما سكنت الفتنة بعد ثلاث وجد الإخشيد قد انتفخ وأكل الفأر أطراف أصابعه وأكل الذر عينيه، فغسل صبا، وطلب له كافور فلم يوجد إلا في السوق مغشوشا، وطلب له بغل يحمل تابوته فلم يوجد إلا جمل أعور، فحمله عليه الخازن وسار به إلى بيت المقدس.