وزوّدته مالا سريعا نفاده [1] ... وزوّدني مدحا يدوم [2] على الدّهر [3]
ووجّه الأبيات مع وصيف وألف دينار، فلذلك قلت فيه قصيدتي الغرّاء التي سارت واشتهرت في العجم والعرب:
إنما الدّنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره
فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدّنيا على أثره [4]
حدّث الزّعفرانيّ قال: لما بلغ المأمون قول عليّ بن جبلة في أبي دلف:
كلّ من في الأرض من عرب ... بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يوم مفتخره [5]
استشاط غضبا وقال: ويل لابن الزانية، يزعم أنا لا نعرف مكرمة إلّا وهي مستعارة من أبي دلف، وطلبه، فهرب، فكتب في طلبه وأخذه، فحمل إليه، فلما مثل بين يديه قال: يا ابن اللّخناء [6] أنت القائل كيت وكيت؟ وقرأ البيتين. أجعلتنا نستعير المكارم منه. فقال: عنيت أشكال أبي دلف، وأما أنتم فقد أبانكم الله بالفضل عن سائر عباده لما اختصكم به من النّبوّة، والكتاب، والحكمة، والملك، وما زال يستعطفه حتّى عفا عنه.