عقابه، ولا تغتّر بالله وإمهاله، فكأن قد نزل بك الموت، ولا تغفل عن أمر الرّعية فإن الملك إنما يقوم بهم، ولا يتبين لك أمر فيه صلاح المسلمين إلّا وقدّمه على غيره وإن خالف هواك، وخذ من قويّهم لضعيفهم، واتّق الله في الأمر كله والسلام.
ومن شعر تاج الملوك مجد الدّين بوري أخي السلطان صلاح الدّين المتوفى سنة (579) [1] وله ثلاث وعشرون سنة، وكان أديبا شاعرا له ديوان شعر صغير:
أقبل من أعشقه راكبا ... من جهة الغرب على أشهب
فقلت: سبحانك يا ذا العلا ... أشرقت الشّمس من المغرب
ومنه أيضا:
أيا حامل الرّمح الشبيه بقدّه ... ويا شاهرا سيفا على لحظه عضبا
ذر الرّمح واغمد ما سللت فربّما ... قتلت وما حاولت طعنا ولا ضربا
ومن شعر عزّ الدّين فرّوخشاه بن شهنشاه بن أيوب بن شادي صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدّين وأخو تقي الدّين صاحب حماه المتوفى سنة (578) [2] قوله:
إذا شئت أن تعطي الأمور حقوقها ... وتوقع حكم العدل أحسن موقعه
فلا تصنع المعروف مع غير أهله ... فظلمك وضع الشّيء في غير موضعه
توران شاه- ومعناه ملك المشرق- بن أيوب بن شادي أخو السلطان صلاح الدّين الأسنّ منه [3] وهو فاتح اليمن من الخوارج الباطنية، أقام بها ثلاث سنين ثم اشتاق إلى طيب دمشق ونضارتها، فقدمها وناب بها لأخيه، ثم تحوّل إلى مصر ومات بالإسكندرية سنة (576) فنقلته أخته ستّ الشام ودفنته في محلة العونية وكان من أجود الناس وأسخاهم مات وعليه مائتا ألف دينار فوفاها عنه أخوه صلاح الدّين.