وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن عمر الدّورسي الحنبلي [1] الإمام العالم.

كان من أصحاب البرهان ابن مفلح، وباشر عنده نيابة الحكم مدة ولايته، وكانت نيفا وثلاثين سنة، ثم باشر عند ولده نجم الدّين، ثم فوّض إليه الحكم في آخر عمره، واستمر إلى أن توفي.

وفيها بدر الدّين أبو المعالي قاضي القضاة محمد بن ناصر الدّين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن خالد بن إبراهيم السّعديّ المصريّ الحنبلي [2] شيخ الإسلام الإمام العلّامة الرّحلة.

ولد بالقاهرة سنة خمس أو ست وثلاثين وثمانمائة، وسمع على الحافظ ابن حجر وغيره، واشتغل في الفقه على عالم الحنابلة جمال الدّين ابن هشام ولازمه، ثم لازم العزّ الكناني، وجد واجتهد، وقرأ كثيرا من العلوم وحقّقها، وحصّل أنواعا من الفنون وأتقنها، وبرع في المذهب، وصار من أعيانه، وأخذ عن علماء الديار المصرية وغيرهم ممن ورد إلى القاهرة، وأتقن العربية وغيرها من العلوم الشرعية والعقلية، وتميّز وفاق أقرانه، ولزم خدمة شيخه القاضي، عزّ الدّين، وفضل عليه، فاستخلفه في الأحكام الشرعية، وهو شاب له خمس وعشرين سنة أو نحوها، وأذن له في الإفتاء والتدريس، وشهد بأهليته، وندبه للوقائع المهمة والأمور المشكلة، فساد على أبناء جنسه، وعظم أمره، وعلا شأنه، واشتهر صيته، وأفتى ودرّس، وحجّ إلى بيت الله الحرام، وقرأ على القاضي علاء الدّين المرداوي لما توجه إلى القاهرة كتابه «الإنصاف» وغيره، ولازمه، فشهد بفضله، وأذن له بالإفتاء والتدريس أيضا، ولم يزل أمره في ازدياد وعلمه في اجتهاد، وباشر نيابة الحكم أكثر من خمس عشرة سنة، وصار مفتي دار العدل، وكانت مباشرته بعفّة ونزاهة، ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية بعد موت شيخه العزّ الكناني، فحصل بتوليته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015