خطبته التي أرادها، التي يريد يخطب بها الناس، فأعجبته نفسه، فقال: أنا الملك الشابّ السّيّد [1] الحجاب [2] الكريم الوهّاب، فتمثّلت له جارية [من جواريه] [3] وكان يتحظّاها، فقال لها: كيف ترين أمير المؤمنين، قالت: أراه منى النفس، وقرّة العين، لولا ما قال الشاعر، قال: وما قال [الشاعر؟] [4] قالت قال:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان
ليس أنّا يريبنا منك شيء ... علم الله غير أنّك فان
فدمعت عيناه، وخرج على النّاس باكيا، فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بالجارية فقال لها: ما دعاك إلى ما قلت لأمير المؤمنين؟ فقالت: والله ما رأيت أمير المؤمنين اليوم ولا دخلت عليه، فأكبر ذلك ودعا بقيّمة [5] جواريه فصدّقتها [6] في قولها، فراع ذلك سليمان، ولم ينتفع بنفسه، ولم يمكث بعد ذلك إلّا مدّة حتى توفي.
وكان يقول: قد أكلنا الطّيّب، ولبسنا اللّيّن، وركبنا الفاره، ولم يبق [7] لي لذّة إلّا صديق أطرح معه فيما بيني وبينه مؤونة [8] التّحفّظ.