وله خمس وأربعون سنة، وكانت خلافته أقلّ من ثلاث سنين، وكان فصيحا فهما محبّا للعدل والغزو، ذا همّة عالية، جهّز الجيوش لحصار القسطنطينية، وقرّب ابن عمّه عمر بن عبد العزيز، وجعله وزيره ومشيره، وعهد إليه بالخلافة، وكان أبيض مليح الوجه، يضرب شعره منكبيه، وله محاسن.
قيل: قال له حكيم: عندي لك أن تأكل ولا تشبع، وتنكح ولا تفتر، ويسودّ شعرك ولا يبيضّ، فقال: كلّهنّ يرغب عنهن العاقل، فمع الأكل كثرة دخول المراحيض، وشمّ الروائح المنتنة، وفي كثرة النّكاح الشّغل بالنّساء، وتسويد الشعر تسويد نور الله تعالى. [1] وقال في «مروج الذهب» [2] : لما أفضى الأمر إلى سليمان صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسوله [صلى الله عليه وسلم] ثم قال: الحمد لله الذي ما شاء صنع، وما شاء أعطى، وما شاء منع، ومن شاء رفع، ومن شاء وضع، أيّها الناس الدّنيا دار غرور وباطل، وزينة وتقلّب بأهلها، تضحك [3] باكيها، وتبكي ضاحكها، وتخيف آمنها، وتؤمّن خائفها، وتثري فقيرها، وتفقر مثريها، عباد الله: اتّخذوا كتاب الله إماما، وارضوا به حكما، واجعلوه لكم هاديا دليلا، فإنه ناسخ ما قبله، ولا ينسخه ما بعده، واعلموا عباد الله أنه ينفي عنكم كيد الشيطان ومطامعه، كما يجلو ضوء الصّبح إذا أسفر إدبار الليل إذا عسعس، ثم نزل، وأذن للناس عليه، وأقرّ عمّال من كان قبله على أعمالهم، وأقرّ خالد بن عبد الله [القسريّ] [4] على مكّة.
وكان سليمان صاحب أكل كثير يجوز المقدار، كان شبعه في كلّ يوم