وقال الشيخ موفق الدّين: كان جوادا يؤثر بما تصل إليه يده سرّا وعلانية.
قال ولده الحافظ أبو موسى ابن بنت الشيخ أبي عمر بن قدامة زوجة الحافظ عبد الغني: قال لي والدي في مرضه الذي مات فيه: يا بني أوصيك بتقوى الله والمحافظة على طاعته، فجاء جماعة يعودونه فسلّموا عليه فردّ عليهم السلام وجعلوا يتحدثون، ففتح عينيه وقال: ما هذا الحديث؟ اذكروا الله وقولوا: لا إله إلا الله، فقالوها ثم قاموا، فجعل يذكر الله ويحرّك شفتيه بذكره، ويشير بعينه، فدخل رجل فسلّم عليه وقال له: ما تعرفني يا سيدي، فقال: بلى، فقمت لأناوله كتابا من جانب المسجد، فرجعت وقد خرجت روحه، وذلك يوم الاثنين الثالث والعشرون من ربيع الأول، ودفناه يوم الثلاثاء بالقرافة مقابل [1] قبر الشيخ أبي عمرو بن مرزوق.
وفيها أبو الفضل ركن الدّين عزيز بن محمد [2] بن العراقي القزويني الشافعي المعروف بالطاووسي [3] . كان إماما فاضلا مناظرا محجاجا قيّما في علم الخلاف، ماهرا فيه، اشتغل فيه على الشيخ رضي الدّين النيسابوري الحنفي صاحب «الطريقة» في الخلاف وبرز فيه، وصنّف ثلاث تعاليق «مختصرة» في الخلاف وثانية وثالثة مبسوطة، واجتمع عليه الطلبة بمدينة همذان، وقصدوه من البلاد البعيدة، وعلّقوا تعاليقه، وبنى له الحاجب جمال الدّين بهمذان مدرسة تعرف بالحاجبية، و «طريقته» الوسطى أحسن من «طريقتيه» الأخريين، لأن فقهها كثير وفوائدها غزيرة جمّة، وأكثر اشتغال الناس في هذا الزمان بها، واشتهر صيته في البلاد، وحملت طرائقه إليها، وتوفي