وبالإسكندرية من السّلفي. وهذه الطبقة، ورحل إلى أصبهان فأكثر بها سنة نيف وسبعين، وصنّف التصانيف الكثيرة الكبيرة الشهيرة، ولم يزل يسمع ويكتب إلى أن مات. وإليه انتهى حفظ الحديث متنا وإسنادا ومعرفة بفنونه، مع الورع والعبادة والتمسك بالأثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسيرته في جزءين ألّفها الحافظ الضياء.
قال ابن ناصر الدّين [1] : هو محدّث الإسلام وأحد الأئمة المبرّزين الأعلام، ذا ورع وعبادة وتمسك بالآثار، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، له كتاب «المصباح» في ثمانية وأربعين جزءا وغيره من المصنفات.
وقال ابن رجب: امتحن الشيخ ودعي إلى أن يقول لفظي [2] بالقرآن مخلوق، فأبى، فمنع من التّحديث، وأفتى أصحاب التأويل بإراقة دمه، فسافر إلى مصر وأقام بها إلى أن مات.
وقال فيه أبو نزار ربيعة بن الحسن:
يا أصدق النّاس في بدو وفي حضر ... وأحفظ النّاس فيما قالت الرّسل
إن يحسدوك فلا تعبأ بقائلهم ... هم الغثاء وأنت السّيّد البطل
وقال الضياء: ما أعرف أحدا من أهل السّنة رأى الحافظ عبد الغني إلّا أحبّه حبّا شديدا، ومدحه مدحا كثيرا.
وكان إذا مر بأصبهان يصطفّ [3] الناس في السوق فينظرون إليه، ولو أقام بأصبهان مدة وأراد أن يملكها لملكها من حبهم له ورغبتهم فيه، ولما وصل إلى مصر أخيرا كان إذا خرج يوم الجمعة إلى الجامع لا يقدر يمشي من كثرة الخلق يتبركون به ويجتمعون حوله.