فقلت للبيض إذ تروّعها ... بالله إلّا رحمت غربتها
فقلّ لبث السوداء في وطن ... تكون فيه البيضاء ضرّتها
ثم قال: يا أبا الخطاب، بيضاء واحدة تروّح ألف سوداء، فكيف حال سوداء بين ألف بيضاء.
وفيها أبو الرّقعمق- بفتح الراء والقاف، وسكون العين المهملة، وفتح الميم، وبعدها قاف، لقب له- الشاعر المفلق صاحب المجون والنوادر، أبو حامد، أحمد بن محمد الأنطاكي.
قال فيه الثعالبي في «اليتيمة» [1] : هو نادرة الزمان، وجملة الإنسان، وممّن تصرف بالشعر [الجزل] في أنواع الهزل والجد، وأحرز قصب السبق، وهو أحد الشعراء المجيدين، وهو في الشام كابن حجّاج بالعراق، فمن غرر محاسنه قوله يمدح ابن كلّس وزير العزيز العبيدي، صاحب مصر:
قد سمعنا مقاله واعتذاره ... وأقلنا ذنوبه [2] وعثاره
والمعاني لمن عنيت ولكن ... بك عرّضت فاسمعي يا جاره
من تراديه أنه أبد الدّه ... ر تراه محلّلا أزراره
عالم أنه عذاب من اللّ ... هـ متاح لأعين النظّاره
هتك الله ستره فلكم هت ... ك من ذي تستّر أستاره
سحرتني ألحاظه وكذا ك ... ك مليح ألحاظه سحّاره
ما على مؤثر التباعد والإع ... راض لو آثر الرّضى والزّياره
وعلى أنني وإن كان قد ع ... ذّب بالهجر مؤثر إيثاره
لم أزل لا عدمته من حبيب ... أشتهي قربه وآبى نفاره