وفي اسم الإشارة (ذلكم) من قوله تعالى: (ذلكُم خيرٌ لكُمْ) استحضار لما سبق الأمر به من النِّفار خفافًا وثقالا، والجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله ليخبر عنه بذلك الخبر العظيم (خير لكم) وهو خبر من الذي وسع علمه كل شيء، فلا يبقى في نفس عاقلٍ أن ثَمَّ شيئًا هو خير له مما يؤمر به في هذ الآية.
وجاء المسند (خير) منكرًا إشارة إلى تعظيمه وتنويعه وأنه لايحاط به، وأنه غير مقصور أو محصور في زمان أو حياة من دون حياة فإن الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة لمن جاهد واستشهد أو أبلى وصدق، وفيه عزُّ الدنيا لم جاء من بَعدُ، فلولا الجهاد ما كان لمسلم عزة في الدنيا، فإنه ما ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله إلا ذلُّوا، وقد أنبأ النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بذلك
في مسندأحمد (ج:2/42) بسنده عن عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال:
" لئن تركتم الجهادَ وأخذْتم بأذنابِ البقرِ وتَبايَعْتُم بالعِينَة ليُلْزِمَنَّكُم الله مَذَلَّةً في رِقابِكُم لاتَنْفَكُّ عَنْكُم حتَّى تتوبوا إلى الله وتَرجِعُوا عَمَّا كنتم عليه "
فانظر في حال قومك، أليس هذا ما هَدَّدَ به نبي الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولن يكون الفكاك منه إلا بما أخبر أنه السبيل إلى الفكاك: أن تتوبوا إلى الله وترجعوا عما كنتم عليه "
" يَأيُّهَا الذين آمنوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [] وَاتَّقُوا فِتْنةً لاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خََاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" {الأنفال: 24-25}