ابن عباس: فذهبت، فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة (?).
ولهذا رأينا الإمام البخاري في كتابه (الأدب المفرد) الذي صدره بباب بر الوالدين يقدم باب بر الأم على باب بر الأب، محققا بذلك التناسق والانسجام بين تبويبه هذا وما تضمن من هدي نبوي كريم.
ولقد استثار القرآن مشاعر البر والعرفان في نفوس الأبناء، فوصى بالوالدين، ونوه بفضل الأم في الحمل والرضاعة، وما تكابد من مشاق ومتاعب في هاتين المرحلتين من مراحل الحياة في صورة لطيفة حانية، توحي بالبذل النبيل، والحنو المطلق، والانعطاف الرقيق:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ (?) وَفِصَالُهُ (?) فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (?).
فيا للتربية العليا! ويا للتوجيه الإنساني الرحيم! {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}. فشكر الوالدين على ما أسديا للولد من خير يلي شكر الله عز وجل، رأس الفضائل والأعمال الصالحات. ويا للمنزلة الكريمة العليا التي أحلها هذا الدين الوالدين!.
وقد تقبل الدنيا على الولد، وتدر عليه أخلاف الرزق، فتمتلئ خزائنه بالمال، وتشغله الزوجة الحسناء والفراخ الزغب، فينصرف عن العناية بوالديه، وينسى أباه وما أنفق في سبيله من مال، فيمسك يده عنه، فيبوء بغضب من الله.