ولوداع المسافر دعاء، ولاستقباله دعاء، وللبس الثوب الجديد دعاء، وللاضطجاع في الفراش دعاء، وللاستيقاظ من النوم دعاء ... وهكذا لم يكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم بعمل إلا وكان له فيه دعاء، يتوجه به لله تعالى أن يلهمه القصد، ويجنبه العثار، ويلطف به، ويكتب له الخير، مما هو مبسوط في كتب الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?)، وكان يعلم الصحابة الكرام هذه الأدعية والأذكار، ويحضهم على قولهم في أوقاتها.

والمسلم التقي الواعي يحرص على تعلم هذه الصيغ المأثورة الرائعة، تأسيا بالرسول الكريم وصحبه الأبرار، ويثابر على تردادها في أوقاتها ومناسباتها، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبذلك يبقى قلبه موصولا بالله عز وجل، وتزكو نفسه، وتسمو روحه، ويرهف وجدانه.

بهذه الرياضة الروحية راض الرسول الكريم أرواح الجيل الأول من الصحابة الغز الميامين، وصقل نفوسهم، فإذا هي متألقة صافية مجلوة، لا غبش فيها ولا كدر ولا دخل، فحقق بهم معجزة الإسلام الكبرى في إيجاد الجيل المهذب الراقي الفريد في حياة الإنسانية، الذي صنع المعجزات في سنوات معدودات.

والمسلم الصادق الحق مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن يروض جناح روحه على التحليق والارتفاع إلى هذا الأفق الوضيء السامي، ليكون على مستوى دعوته، وما تتطلبه من أعباء باهظة ومسؤوليات جسام.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015