والعلانية، مستحضر خشية الله ومراقبته إياه في تعامله مع الناس، لا يجور، ولا يحيد عن الحق، ولا ينحرف عن جادة السبيل.
ويستعين المسلم أيضا على بلوغ هذا المرتقى الصعب بالرفيق الصالح الذي يتواصى وإياه بالحق، ويتواصيان بالصبر، وبالإكثار من مجالس الإيمان الروحية التي يكثر فيها ذكر الله، وتدور فيها الأحاديث عن الإسلام وعظمته في تربية الفرد والأسرة والمجتمع، ويتملى فيها الحاضرون قدرة الله العظيم القهار الجبار الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ويستعرضون فيها عظيم خلقه وبديع صنعه في الكون والحياة والإنسان؛ ففي مثل هذه المجالس تزكو الروح، وتصقل النفس، ويصفو القلب، وتخالط كيان الإنسان كله بشاشة الإيمان.
ولهذا كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تعال نؤمن بربنا ساعة))، ويبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ((يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة)) (?).
وكان الخليفة الراشد سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ينتزع نفسه من شواغل الخلافة وأعباء الحكم، ويأخذ بيد الرجل والرجلين، فيقول: ((قم بنا نزداد إيمانا))، فيذكرون الله عز وجل (?).
لقد كان عمر رضي الله عنه يحس، وهو من هو تقى وصلاحا وحسن عبادة، الحاجة إلى جلاء النفس بين الحين والحين، فيختلس هذه الساعة من أوهاق الدنيا وضرورات الحياة، ليفرغ فيها إلى ترويح قلبه، وجلاء نفسه،