وهي نظرية الاعتدال التي لا إفراط فيها ولا تفريط: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (?).

لقد أراد الإسلام لأبنائه ودعاته على وجه الخصوص أن يغشوا المجتمعات، وهم شامات مشتهاة، لا مناظر مؤذية تقتحمها الأعين وتصد عنها النفوس؛ فليس من الإسلام في شيء أن يسف الإنسان في مظهره إلى درجة الإهمال المزري بصاحبه، بدعوى أن ذلك من الزهد والتواضع؛ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو سيد الزهاد والمتواضعين، كان يلبس اللباس الحسن، ويتجمل لأهله وأصحابه، ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام إظهارا لنعمة الله عليه:

((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) (?).

وفي طبقات ابن سعد (?): عن جندب بن مكيث رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه وأمر علية أصحابه بذلك، فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قدم وفد كندة، وعليه حلة يمانية، وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مثل ذلك)).

وأخرج ابن المبارك والطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم عن عمر رضي الله عنه قال: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بثياب جدد، فلبسها، فلما بلغت تراقيه قال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي)) (?).

وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس البرد أو الحلة تساوي خمسمئة أو أربعمئة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015