أجرته الأسبوعية أو الشهرية الزهيده، خشية أن تنقص أرباحهم، بل كان بعضهم يقيم الدنيا ويقعدها من أجل هذه الزيادة البسيطة، ويتعامى عن الآلاف المؤلفة التي يبذرها بعض أبنائهم في الملاهي، وتحت أقدام المومسات، حتى إن بعضهم كان يغلق الملهى بأكمله على حسابه ليستمتع وحده بالحسناوات الراقصات فيه.
إن المجتمع الإسلامي السليم لا يعرف ظلم الغني للفقير، ولا حقد الفقير على الغني؛ لأن الغني فيه كريم جواد يعرف حق الفقير في ماله، فلا يبخسه حقه، ولا يتقاعس عن إسعافه ورفده ومعونته وإنصافه؛ ولأن الفقير لا ينظر إلى الغني بعين الحقد والضغينة والكراهية لأنه أكثر منه مالا؛ ذلك أن الغني في المجتمع الإسلامي لا يجمع ماله من حرام، وإنما يجمعه بكده وكدحه واجتهاده وجهده من طريق الكسب الحلال المشروع، ثم إن مبدأ تكافؤ الفرص الذي أتاحه المجتمع الإسلامي لجميع المستظلين بظله ليفسح المجال للفقير أن يعمل ويكدح ليصبح بدوره غنيا إن شاء، فالباب مفتوح للجميع، ليلجه كل طموح نشيط وثاب العزيمة عالي الهمة، ولا داعي للحقد والضغينة والتربص وحب الانتقام، ولا مكان للحاقدين المضطغنين المتربصين للانتقام في مجتمع الحب والتآخي، مجتمع الإسلام.
لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم الصحابة الكرام، ويحضهم دوما على البذل، ويقتلع من نفوسهم حب الكنز، لتتوزع الثروة بين الناس، ويشيع الرخاء في حياتهم، ولئلا يرتد المال المكنوز على صاحبه شؤما وعذابا وسخطا يوم القيامة، وكان الرسول الكريم الأسوة الحسنة لهم في ذلك والمثل الأعلى.
انطلق يوما إلى البقيع ولحق به أبو ذر، وفي أثناء مسيرتهما قال لأبا ذر: