السلف الصالح من الصحابة والتابعين الذين استروحوا نسمات هذا الهدي نقية صافية من كل شائبة وكدر.

أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، قال: ((سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن ناسا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا آمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه على سريرته، ومن أظهر لنا شرا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة)) (?).

ومن هنا كان المسلم التقي الواعي متحرزا في كل كلمة يتفوه بها، متثبتا من كل حكم يطلقه، لا يغيب عن حسه وفكره قول الله تبارك وتعالى يهتف به:

{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (?).

فإذا هو وقاف عند هذا النهي الحكيم، لا يتكلم إلا بعلم، ولا يحكم إلا بيقين.

وإنه ليزداد رهبة وخشية من الوقوع في إثم الخوض في الأعراض والرجم بالظنون، إذ يتمثل لعين قلبه ذلك الملك الرقيب العتيد الموكل به، الذي يحصي عليه كل كلمة تند عن لسانه، وكل قول يصدر عنه:

{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015