{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (?).

وحينما أجتاحت موجة الحزن نفس أبي بكر لما سمع من حديث الإفك، تلوكه بعض الألسنة الآثمة، فتنال من ابنته السيدة عائشة أم المؤنين، آلى على نفسه أن يقطع عونه عن أولئك الجاحدين للفضل ممن خاضوا في هذا الحديث الآثم، فتنزل توله تعالى فيه:

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?).

إن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة والمحاسبة والانتصار للذات والانتصاف لها في كل صغيرة وكبيرة، وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على المسامحة والتغاضي والصفح والصبر، وهذا ما دعت إليه نصوص الإسلام، وحض عليه هديه العالي القويم:

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (?).

إن السيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أوغرت الصدور، وأرثت الأحقاد، وأنبتت الضغائن. أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أوار الغضب، وهدأت من فورة النفس، وغسلت أدران الضغينة، فإذا المتعاديان يصبحان صديقين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015