لقد سبق أن رأينا حض الإسلام على بر الوالدين، ولو كانا مشركين، وها نحن أولاء نرى حضه على بر ذوي القربى، ولو كانوا غير مسلمين أيضا، وهذا دليل على سماحة هذا الدين وإنسانيته، وليس هذا ببدع في دين، خاطب الله رسوله بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (?) وقال رسوله: ((إنما بعثت لأتمم حسن الأخلاق)) (?).
وصلة الرحم عند المسلم الحق الواعي هدي دينه لا تكون ببذل المال فحسب، بل هي أعم من ذلك وأوسع، إنها تكون ببذل المال للعفاة (?) من ذوي القربى، وتكون بالزيارة التي توطد أواصر القرابة، وتوثق وشائج المحبة، وتمد في التواد والتراحم، وتكون بالتناصح كالعون والإيثار والإنصاف، وتكون بالكلمة الطيبة، والوجه الطلق، واللقاء الحسن، والابتسامة الودود، وتكون في غير ذلك من أعمال الخير التي تفجر ينابيع الحب في القلوب، وتبسط رواق الألفة والتراحم والتكافل على ذوي الرحم والقرابة، ولهذا جاء التوجيه النبوي العالي حاضا على هذه الصلة في أبسط أشكالها وأقلها كلفة ومؤونة بقوله:
((بلوا أرحامكم ولو بالإسلام)) (?).
والمسلم الحق يصل ذوي رحمه، ولو لم يصلوه؛ ذلك أن واصل الرحم المبتغي بصلته هذه رضوان الله عز وجل، والتخلق بالخلق الإسلامي السامي