تؤذن بمهارتهم في العمارة وفشا نسج الحرير بسيسليا ومنها انتشر في أوروبا. انتهى باختصار.
وفي الفتوحات الإِسلامية: كانت ولاية إبراهيم بن الأغلب إفريقية سنة 184 هـ بعهد من هارون الرشيد وتوارث الملك بعده بنوه عمالاً لخلفاء بني العباس واستمر فيهم إلى سنة 296 هـ فزالت دولتهم وصارت للعبيديين واتسع ملكهم بإفريقية وصارت لم أموال كثيرة وخيل وجنود وافرة وملك ضخم ومراكب في البحر ولهم كثير من المآثر المحمودة والمواقف المشهودة والغزوات الكثيرة والفتوحات الشهيرة وأكثر فتوحات إفريقية كان على أيديهم بصقلية بكسرات مشددة اللام جزيرة عظيمة كثيرة البلدان والقرى والمواشي وكان أول الغزو إليها زمن معاوية بن حديج في خلافة معاوية رضي الله عنه ولم يفتحها وتتابع الغزو إليها زمن ولاية بني الأغلب من أول دولتهم إلى آخرها وتملكوا أكثر الجزيرة ولم يزل الفتح فيها والغزو إلى أن انقضت دولتهم وتفصيل ذلك مبسوط في التواريخ. انتهى.
تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء الإِمام سحنون وابنه محمَّد وابن عبدوس وحمديس وعيسى بن مسكين ويحيي بن عمر.
لما انقرضت دولة بني الأغلب وآلت إلى بني عبيد في أخبار طوال بواسطة أبي عبد الله الصنعاني من صنعاء اليمن وكان صاحب جدل ودهاء وحذق وسياسة. كان أول ملوك هاته الدولة أبو محمَّد عبيد الله المهدي بن محمَّد الحبيب ينتهي نسبه إلى سيدنا علي رضي الله عنه وأثبت نسبهم الكريم ولي الدين بن خلدون. وقال ابن خلكان: في نسبهم خلاف كثير وهاته الدولة تعرف بدولة الشيعة، والشيعة لغة: الصحب والاتباع، وفي عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف تطلق على أتباع علي وبيته رضي الله عنهم وهم طوائف فمنهم الضال ومنهم العاصي، وكان عبيد الله هذا رجل الدنيا دهاءً وعقلاً مهيباً ولما استقل بالإمارة سنة 297 هـ واستقام له الحال بعد تمهيد الأمور وتفقد العمال، غزا صقلية وإسكندرية ومصر وساعده المقدور وأسس مدينة المهدية في جزيرة جمة وحصنها وانتقل إليها سنة 308 هـ وثار عليه مخلد بن كيداد الأباضي واستولى على غالب إفريقية وتوفي في ريعان الثورة سنة 323 هـ وبويع لابنه أبي القاسم محمَّد وكان ذا نجدة وبأس وبعث مولاه كاتبه جوهراً بأسطول عظيم في جيوش كثيرة لأرض الروم وفتح مدناً وحصوناً منها جنوة ومهد النواحي وقمع الثوار ومنهم مخلد المذكور وكان داعياً إلى الحق آخذاً بالحسبة