في خاتمة بداية المجتهد الإشارة إلى تقسيم الفضائل ونصه ببعض اختصار الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين: قسم يقضي به الحكام وجل ما ذكرناه في هذا الكتاب داخل في هذا القسم. وقسم لا يقضي به الحكام وهذا أكثره داخل في المندوب إليه، مثل رد السلام وتشميت العاطس وغير ذلك. وقد رأينا أن نذكر من هذا الجنس المشهور منه إن شاء الله. وينبغي قبل هذا أن تعلم أن السنن المشروعة العملية المقصود منها هو الفضائل النفسانية. فمنها ما يرجع إلى تعظيم من يجب تعظيمه، وشكر من يجب شكره وفي هذا الجنس تدخل العبادات وهذه هي السنن الكرامية. ومنها ما يرجع إلى الفضيلة التي تسمى عفة، وهذه صنفان السنن الواردة في المطعم والمشرب والسنن الواردة في المناكح. ومنها ما يرجع إلى طلب العدل والكف عن الجور. فهذه هي أجناس السنن التي تقتضي العدل في الأموال والأبدان. وفي هذا الجنس يدخل القصاص والحروب والعقوبات, لأن هذه كلها إنما يطلب بها العدل. ومنها السنن الواردة في الأعراض. ومنها السنن الواردة في جمع الأموال وتقويمها وهي التي يقصد بها طلب الفضيلة التي تسمى السخاء، وتجنب الرذيلة التي تسمى البخل. والزكاة تدخل في هذا الباب من وجه، وتدخل أيضاً في باب الاشتراك في الأموال، وكذلك الأمر في الصدقات. ومنها سنن واردة في الاجتماع الذي هو شرط في حياة الإنسان وحفظ فضائله العملية والعلمية، وهي المعبر عنها بالرياسة. ولذا ألزم أيضاً أن يكون سنن الأئمة والقوام بالدين. ومن السنن المهمة حين الاجتماع السنن الواردة في المحبة والبغضة. والتعاون على إقامة هذه السنن وهو الذي يسمى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وهي المحبة والبغضة أي الدينية التي هي إما من قبل الإخلال بهذه السنن وإما من قبل سوء المعتقد في الشريعة. وأكثر ما يذكر الفقهاء في الجوامع من كتبهم ما شذّ عن هذه الأجناس الأربعة التي هي فضيلة العفة وفضيلة العدل وفضيلة الشجاعة وفضيلة السخاء، والعبادة التي هي كالشروط في تثبيت هذه الفضائل اهـ.