فأقْسَمَ الله تَعَالى بالعَصْرِ ـ الَّذِي هُوَ الزَّمَنُ ـ لِمَا فيه مِنَ الأعَاجِيْبِ؛ لأنَّه تَحْصُلُ فيه السَّرَّاءُ والضَّرَّاءُ، والصِّحَّةُ والسَّقَمُ، والغِنَى والفَقْرُ؛ ولأنَّ العُمُرَ لا يُقَوَّمُ بِشَيْءٍ نَفَاسَةً وغَلاءً.

وقد أرْشَدَنا - صلى الله عليه وسلم - إلى أهَمِيَّةِ هَذِه النِّعْمَةِ، وقِيْمَتِها بِقَوْلِه: «نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ فيهِمَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ، والفَرَاغُ» البُخَاريُّ.

* * *

فالإسْلامُ يُقَوِّمُ عُمُرَ الإنْسَانِ في هَذِه الحَيَاةِ الدُّنْيَا بأنَّه أسْمَى، وأغْلَى مِنْ أنْ تَضِيْعَ فَقَرَاتُهُ بَيْنَ لَهْوٍ عَابِثٍ سَخِيْفٍ لا قِيْمَةَ لَهُ، وشِعْرٍ رَكِيْكٍ فَاسِدٍ لا يَأتِي مِنْ وَرَائِه بِمَنْفَعَةٍ دِنْيَوِيَّةٍ عَظِيْمَةٍ، ولا أُخْرَوِيَّةٍ نَبِيْلَةٍ، فَهُوَ مَسْؤولِيَّةٌ في عُنُقِ المُسْلِمِ يُحَاسَبُ عَلَيْه يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَزُوْلُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْألَ عَنْ أرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِه فيما أفْنَاه؟ وعَنْ شَبَابِه فيما أبْلاهُ، وعَنْ عَمَلِه مَا عَمِلَ بِهِ؟ وعَنْ مَالِه مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ، وفيما أنْفَقَهُ؟» (?) التِّرْمِذِيُّ، وهُنَاكَ كَثِيْرٌ مِنَ الأدِلَّةِ الدَّالَّةِ على أهَمِيَّةِ الوَقْتِ مِمَّا يَطُوْلُ ذِكْرُها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015