وأما في حصار الشعب فقد بلغ الجهد منه - رضي الله عنه - مبلغه , فلم يعد يقدر على المشي مع ما أصاب جسده من ضعف بعد ما كان مرفهاً مدللاً ,فقد قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: كان مصعب بن عمير أترف غلام بمكة بين أبويه، فلما أصابه ما أصابنا لم يقو على ذلك، ولقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية، ولقد رأيته يتقطع به، فما يستطيع أن يمشي، فنعرض له القِسِيَّ (?)، ثم نحمله على عواتقنا (?).
ومنه يتبين مدى الابتلاء الذي تعرض له مصعب بن عمير - رضي الله عنه - بعد إسلامه ويتمثل فيما يأتي:
1 - الأذى المادي: إذ قُطعت عنه جميع الموارد المالية التي كان يحصل عليها لا سيما من قبل أمه , حتى أصبح لا يجد ما يلبس إلا فروة لا تكاد تواريه.
2 - الأذى الجسدي: فقد ذبل جسمه وتغيّر لونه وأصابه من الجوع ما لا يستطيع الوقوف معه.
3 - الأذى النفسي: إذ كان يرى أمه وهي تنشر شعرها وتخرج ويراها وهي تقف في الشمس نكاية به حتى يرجع عن دينه.
مما يبين بجلاء نجاح التربية النبوية في غرس المبادئ والثبات عليها في نفوس الصحابة - رضي الله عنهم - , وهو ما نحتاجه اليوم في تربيتنا للأجيال على مبادئ الكتاب والسنة والصبر على ما يواجهونه من مصاعب في سبيل ذلك.