وقد سبق أن ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علمها الجود، ورباها على السخاء والكرم، فكان من فضل هذه التربية العظيمة والتعليم النبوي المبارك أنها عضت بنواجذها على هذا الواجب الكبير ولم تتخل عنه حتى أتاها اليقين.
كما مر بنا أنها استأذنت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((جهاد النساء الحج))، فلما سمعت بهذا التعليم النبوي قلما مضى عام ولم تحج فيه (?).
بعث إليها عبد الله بن عامر مرة بنفقة وكسوة، فقالت لرسوله: يا بني إني لا أقبل من أحد شيئا، فلما خرج قالت: ردوه علي، فردوه، فقالت: إني ذكرت شيئا قاله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: ((يا عائشة من أعطاك عطاء بغير مسألة فاقبليه، فإنما هو رزق عرضه الله لك)) (?).
ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر يوم عرفة على عائشة وهي صائمة يرش عليها، فقال لها: أفطري، فقالت: أفطر وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن صوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله)) (?).
ولما رأت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى، بدأت تواظب عليها، ولم تتركها قط، وكانت تقول: ((لو أن أبي نشر فنهاني عنها ما تركتها)) (?).