ببكاء أهله)) فذكر عند عائشة (ض) قول ابن عمر، فقالت: ((رحم الله أبا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة يهودي وهم يبكون عليه، فقال: ((أنتم تبكون وإنه ليعذب)) (?) وكان مقصود عائشة (ض) كما في صحيح البخاري: ((إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن)) (?) لأن البكاء عمل الآخرين فهم يتحملون عقابه وليس الميت، ثم قالت: وحسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} قال ابن عباس (ض) عند ذلك: ((والله هو أضحك وأبكى)) قال ابن أبي مليكة: ((والله ما قال ابن عمر (ض) شيئا)) (?).
يقول الإمام البخاري (ح) وهو يفصل لنا قول عائشة، وابن عمر (ض): ((قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، إذا كان النوح من سنته لقول الله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((كلكم راع ومسؤول عن رعيته))، فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة (ض) {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وهو كقرله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} ذنوبا {إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} (?) وهو رأي عبد الله بن المبارك (?).
ولكنني أرى أن استدلال عائشة (ض) صحيح في كل الصور الثلاث، وقد وافقها في هذه المسألة من الأئمة: الشافعي (?)، ومحمد، والإمام