فَنَتْرُكُ صَرْعَى تَعْصِبُ الطيرُ حولَهم ... وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الأمانيَّ ناصرُ1
وَتبْكيهمُ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ نِسْوَةٌ ... لهنَّ بِهَا لَيْلٌ عَنْ النومِ ساهرُ
وَذَلِكَ أَنَّا لَا تزالُ سيوفُنا ... بهنَّ دَمٌ -مِمَّنْ يحاربنَ– مَائرُ2
فَإِنْ تَظْفَروا فِي يومِ بَدْرٍ فَإِنَّمَا ... بأحمدَ أَمْسَى جَدُّكم وَهُوَ ظاهرُ
وبالنفرِ الأخيارِ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ... يُحَامُونَ فِي اللأواءِ والموتُ حاضرُ
يُعدُّ أَبُو بَكْرٍ وحَمزةُ فيهمُ ... ويُدعى عَلِيٌّ وسْطَ مَنْ أَنْتَ ذاكرُ
ويُدعى أَبُو حفصٍ وعثمانُ منهمُ ... وَسَعْدٌ إذَا مَا كَانَ فِي الحربِ حاضرُ
أُولَئِكَ لَا مَنْ نَتَّجتْ فِي ديارِها ... بَنُو الأوسِ وَالنَّجَّارِ حَيْنَ تُفاخرُ
ولكنْ أبوهمْ مِنْ لُؤيِّ بْنِ غالبٍ ... إذَا عُدت الأنسابُ كَعْبٌ وعامرُ
هُمْ الطَّاعِنُونَ الخيلَ فِي كلِّ مَعْرَكٍ ... غَداةَ الهِياجِ الْأَطْيَبُونَ الأكاثرُ
فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، أَخُو بَنِي سَلمة، فَقَالَ:
عَجِبْتُ لأمرِ اللَّهِ وَاَللَّهُ قَادِرٌ ... عَلَى مَا أَرَادَ، لَيْسَ للهِ قاهرُ
قضَى يومَ بَدْرٍ أَنْ نلاقِيَ مَعشرًا ... بغَوْا وسبيلُ الْبَغْي بالناسِ جائرُ
وَقَدْ حَشدوا وَاسْتَنْفَرُوا مِنْ يَلِيهِمْ ... مِنْ الناسِ حَتَّى جَمعهم مُتكاثرُ
وَسَارَتْ إلَيْنَا لَا تحاولُ غيرَنا ... بأجمعِها كعبٌ جَمِيعًا وعامرُ
وَفِينَا رسولُ اللَّهِ والأوسُ حولَه ... لَهُ مَعْقِل مِنْهُمْ عَزِيزٌ وناصرُ
وجَمْعُ بَنِي النجارِ تحت لوائهِ ... يُمَثَّوْن فِي الماذِيِّ والنقعُ ثَائِرُ3
فَلَمَّا لقِيناهم وَكُلٌّ مجاهدٌ ... لأصحابهِ مُستَبسلُ النفسِ صابرُ
شَهِدنا بِأَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غيرَه ... وَأَنَّ رسولَ اللَّهِ بالحقِّ ظاهرُ
وَقَدْ عُرِّيَتْ بيضٌ خِفاف كَأَنَّهَا ... مقاييسُ يُزْهِيها لعَيْنيك شاهرُ4
بِهِنَّ أَبَدْنَا جمعَهم فتبدَّدوا ... وَكَانَ يُلاقي الحَيْن مَنْ هُوَ فاجرُ
فكُبَّ أَبُو جهلٍ صَرِيعًا لوجههِ ... وعتبةُ قَدْ غادرْنَه وهو عاثرُ