قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَذَلِكَ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُحِبُّهُ، وَلَا مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ، وَلَا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنفال: 34، 35] : أَيْ لِمَا أَوْقَعَ بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ القتل.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّاد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ بَيْنَ نزول: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [الْمُزَّمِّلُ: 1] ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا، إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} إلَّا يَسِيرٌ، حَتَّى أَصَابَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِالْوَقْعَةِ يَوْمَ بدر.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَنْكَالُ: الْقُيُودُ وَاحِدُهَا: نِكْل. قَالَ رُؤبة بْنُ العَجَّاج:

يَكْفِيكَ نِكْلي بَغْيَ كلِّ نِكْلِ

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.

ما نزل في معاوني أبي سُفْيَانَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} يَعْنِي النَّفَرَ الَّذِينَ مَشَوْا إلَى أَبِي سُفْيَانَ، وَإِلَى مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُقَووهم بِهَا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَعَلُوا.

ثُمَّ قَالَ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا} لِحَرْبِكَ {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} أَيْ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ.

ما نزل من الْأَمْرُ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} : أَيْ حَتَّى لَا يُفتن مُؤْمِنٌ عَنْ دِينِهِ، وَيَكُونَ التَّوْحِيدُ لِلَّهِ خَالِصًا لَيْسَ لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ، ويُخلَع مَا دُونَهُ مِنْ الْأَنْدَادِ {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَإِنْ تَوَلَّوْا} عَنْ أَمْرِكَ إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} الَّذِي أَعَزَّكُمْ وَنَصَرَكُمْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ فِي كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَقِلَّةِ عَدَدِكُمْ {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال: 39، 40] .

ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ مَقاسِمَ الْفَيْءِ وَحُكْمَهُ فِيهِ، حِينَ أَحَلَّهُ لَهُمْ، فَقَالَ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: 41] أَيْ يَوْمَ فَرَّقْتُ فِيهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِقُدْرَتِي يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} مِنْ الْوَادِي {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} مِنْ الْوَادِي إلَى مَكَّةَ {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015