198#

مَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِكَ وَحْدَكَ؟ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، إذَنْ لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ جَمِيعًا، لَا تَتَحَدَّثُ عَنِّي نساءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ. فَقَالَ أَبُو البَخْتري حِينَ نَازَلَهُ الْمُجَذَّرُ وَأَبَى إلَّا الْقِتَالَ، يَرْتَجِزُ:

لَنْ يُسْلِمَ ابنُ حُرةٍ زميلَهْ ... حَتَّى يموتَ أَوْ يَرى سبيلَهْ

فاقتتلا، فقتله المجذّر بن زياد. وقال المجذر بن زياد فِي قَتْلِهِ أَبَا البَخْتري:

إمَّا جَهِلْتَ أَوْ نسيتَ نَسَبِي ... فأثبِت النسبةَ أَنِّي مَنْ بَلِي

الطَّاعِنِينَ برماحِ اليَزني ... وَالضَّارِبِينَ الكبشَ حَتَّى يَنْحَنِيَ

بشِّر بيُتمِ مَنْ أَبُوهُ البَخْتري ... أَوْ بَشِّرن بمثلِها من بَني

أَنَا الَّذِي يُقال أَصْلِي مَنْ بَلي ... أطعنُ بالصَّعْدةِ حَتَّى تَنْثَني1

وأعبِطِ القِرْنَ بعَضْبٍ مَشْرَفي ... أرْزِمُ للموتِ كإرزامِ المَرِي2

فَلَا تَرَى مجذَّرًا يَفْرِي فَرِي3

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: "المَري" عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ. والمَري: النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ لَبَنُهَا عَلَى عُسر.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ المجذَّر أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جهدتُ عَلَيْهِ أَنْ يَستأسر فَآتِيكَ بِهِ، فَأَبَى إلَّا أَنْ يُقاتلني، فقاتلتُهُ فقتلتُه.

قَالَ ابْنَ هِشَامٌ: أَبُو البَخْتري: الْعَاصِ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ.

مَقْتَلُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ ابن إسحاق: وحدثنيه أيضًا عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لِي صَدِيقًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ اسْمِي عَبْدَ عَمْرٍو، فتسمَّيت، حِينَ أسلمتُ، عبدَ الرَّحْمَنِ، وَنَحْنُ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يَلْقَانِي إذْ نَحْنُ بِمَكَّةَ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ عَمْرٍو، أَرَغِبْتَ عَنْ اسْمٍ سماكَه أبواك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لاأعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015