دُعَاءُ عُتْبَةَ إلَى الْمُبَارَزَةِ: قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ بعدُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبة بْنِ رَبِيعَةَ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتبة، حَتَّى إذَا فَصل مِنْ الصَّفِّ دَعَا إلَى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ فِتية مِنْ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ وَهُمْ: عَوْف، ومعُوّذ، ابْنَا الْحَارِثِ وَأُمُّهُمَا عَفْرَاءُ وَرَجُلٌ آخَرُ، يُقَالُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحةَ فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: رَهْطٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا مُحَمَّدُ، أخرجْ إلَيْنَا أكْفاءَنا مِنْ قَوْمِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عُبيدة بْنَ الْحَارِثِ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ"، فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ عُبيدة: عُبَيْدَةُ، وَقَالَ حَمْزَةُ: حَمْزَةُ، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَلِيٌّ؛ قَالُوا: نَعَمْ، أكْفاء كِرَامٌ، فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ، وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ، عُتبة بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبة بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ. فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلْ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَعُتْبَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ1، وكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ بِأَسْيَافِهِمَا عَلَى عُتبة فذَفَّفا2 عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلَا صَاحِبَهُمَا فَحَازَاهُ إلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمر بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ عُتبة بْنَ ربيعة قال للفتية من الْأَنْصَارُ حِينَ انْتَسَبُوا: أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، إنَّمَا نُرِيدُ قَوْمَنَا.
الْتِقَاءُ الْفَرِيقَيْنِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ تَزَاحَفَ النَّاسُ وَدَنَا بعضُهم مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يأمرَهم، وَقَالَ: إنْ اكْتَنَفَكُمْ الْقَوْمُ فَانْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بالنَّبْل، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ، مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
فَكَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: كَمَا حَدَّثَنِي أَبُو جعفر محمد بن علي بن الحسين.
ضرب الرسول ابن غزية: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حَبَّان بْنُ وَاسِعِ بْنِ حَبَّان عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّل صفوفَ أَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ3 يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بسَواد بْنِ غَزِيَّة، حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُقَالُ، سَوَّاد، مُثَقَّلَةٌ، وَسَوَادٌ فِي الْأَنْصَارِ غَيْرُ هَذَا، مُخَفَّفٌ وَهُوَ مُسْتَنْتل4 مِنْ الصَّفِّ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ مُسْتَنصلِ5 مِنْ الصَّفِّ فَطُعِنَ فِي بَطْنِهِ بالقدْح، وَقَالَ: "استوِ يَا سَوَّاد" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْجَعْتنِي وَقَدْ بَعَثَكَ اللَّهُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ، قَالَ: فأقدْني6 فَكَشَفَ رسولُ الله