هُمَا أَشْرَكَا فِي المجدِ مَنْ لَا أَبَا ... لَهُ مِنْ الناسِ إلَّا أَنْ يُرَسَّ لَهُ ذِكْرُ1
وتَيْم وَمَخْزُومٌ وزُهرة منهمُ ... وَكَانُوا لَنَا مَوْلى إذَا بُغيَ النصرُ
فواللهِ لَا تنفكُّ مِنَّا عَداوةٌ وَلَا ... منهمُ مَا كَانَ مِنْ نَسْلِنا شَفْر2
فَقَدْ سَفُهَتْ أحلامُهم وعقولُهم ... وَكَانُوا كجَفْر بئسَ مَا صنعتْ جَفْرُ
قَالَ ابْنُ هشام: تركنا منها بيتين أقذع فيهما.
قريش تُظهر عداوتها للمسلمين: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا تَذَامَرُوا بينَهم على من في القبائل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِينَ أَسْلَمُوا مَعَهُ، فَوَثَبَتْ كلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُعَذِّبُونَهُمْ، وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَمَنَعَ اللهُ رسولَه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ بعمِّه أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ قَامَ أَبُو طَالِبٍ، حِينَ رَأَى قُرَيْشًا يَصْنَعُونَ مَا يَصْنَعُونَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِيَّ الْمُطَّلِبِ فَدَعَاهُمْ إلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، مِنْ مَنْع رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْقِيَامِ دونَه؛ فَاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، وَقَامُوا مَعَهُ وَأَجَابُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ، عَدُوِّ اللَّهِ الْمَلْعُونِ.
شِعْرُ أَبِي طالب في مدح قومه لنصرته: فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ مِنْ قَوْمِهِ مَا سرَّه فِي جَهْدِهِمْ مَعَهُ، وحَدَبهم عَلَيْهِ، جَعَلَ يَمْدَحُهُمْ وَيَذْكُرُ قَدِيمَهُمْ، وَيَذْكُرُ فضلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِمْ، ومكانَه مِنْهُمْ، لِيَشُدَّ لَهُمْ رَأْيَهُمْ، وليَحْدَبوا مَعَهُ عَلَى أَمْرِهِ، فَقَالَ:
إذَا اجتمعتْ يَوْمًا قُرَيْشٌ لِمَفْخَرٍ ... فعبدُ منافٍ سِرُّها وصميمُها3
وَإِنْ حُصِّلت أشرافُ عَبْدِ مَنَافِهَا ... فَفِي هاشمٍ أشرافُها وقديمُها
وَإِنْ فخَرَتْ يَوْمًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا هُوَ ... المصطَفى مَنْ سرِّها وَكَرِيمُهَا
تداعتْ قُرَيْشٌ غَثُّها وسمينُها ... عَلَيْنَا فَلَمْ تَظْفَرْ وطاشتْ حلومُها