وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.
خُرُوجُ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه للصلاة في الشِّعْب: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا صَلَّوْا، ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ، فَاسْتَخْفَوْا بِصَلَاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فبيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي شِعْب مِنْ شِعاب مَكَّةَ، إذْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَنَاكَرُوهُمْ، وَعَابُوا عَلَيْهِمْ مَا يَصْنَعُونَ حَتَّى قَاتَلُوهُمْ، فَضَرَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بلَحْي بَعِيرٍ1 فشجَّه، فَكَانَ أَوَّلَ دَمٍ هُرِيقَ في الإِسلام.
عداوة قومه ومساندة أبي طالب له: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بادَى رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قومَه بِالْإِسْلَامِ وصدَع بَهْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ، وَلَمْ يردُّوا عَلَيْهِ -فِيمَا بَلَغَنِي- حَتَّى ذَكَرَ آلِهَتَهُمْ وَعَابَهَا، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَعْظَمُوهُ وَنَاكَرُوهُ، وَأَجْمَعُوا خلافَه وَعَدَاوَتَهُ، إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ بالإِسلام، وَهُمْ قَلِيلٌ مستَخْفُون، وحَدِب2 عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمُّه أَبُو طَالِبٍ، وَمَنَعَهُ وَقَامَ دونَه، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، مُظْهِرًا لأمرِه، لَا يَرُدُّهُ عَنْهُ شَيْءٌ. فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُعْتِبهم3 مِنْ شَيْءٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، مِنْ فراقَهم وعَيب آلِهَتِهِمْ، وَرَأَوْا أَنَّ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ قَدْ حَدِب عَلَيْهِ، وَقَامَ دونَه، فَلَمْ يُسْلِمْهُ لَهُمْ، مَشَى رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ إلَى أَبِي طَالِبٍ، عُتبة وشَيْبة ابْنَا رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصي بْنِ كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بْنِ غَالِبٍ. وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بْنِ قُصي بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كعب بن لُؤَي بن غالب بن فهر.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْر.