فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَكُنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ إذَا قَضى فِي خلقِه أَمْرًا سَمِعه حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فسبَّحوا، فسبَّح مَنْ تَحتَهم، فَسَبَّحَ لتسبيحِهم مَن تحتَ ذَلِكَ، فَلَا يَزَالُ التَّسْبِيحُ يهبطُ حَتَّى ينتهىَ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسَبِّحُوا، ثُمَّ يَقُولُ بعضُهم لِبَعْضٍ: مِمَّ سَبَّحْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: سَبَّحَ مَن فَوْقَنَا فَسَبَّحْنَا لِتَسْبِيحِهِمْ، فَيَقُولُونَ: أَلَا تَسْأَلُونَ مَنْ فوقَكم: مِمَّ سَبَّحُوا؟ فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى حملةِ العرشِ، فيُقال لَهُمْ: مِمَّ سَبَّحْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: قَضَى اللهُ فِي خَلْقِهِ كَذَا وَكَذَا، للأمرِ الَّذِي كَانَ، فَيَهْبِطُ بِهِ الخبرُ مِنْ سماءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِي إلَى السماءِ الدُّنْيَا، فَيَتَحَدَّثُوا بِهِ، فَتَسْتَرِقُهُ الشياطينُ بِالسَّمْعِ، عَلَى تَوَهُّمٍ وَاخْتِلَافٍ، ثُمَّ يَأْتُوا بِهِ الْكُهَّانَ مِنْ أهلِ الْأَرْضِ فَيُحَدِّثُوهُمْ بِهِ.. فَيُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ، فَيَتَحَدَّثُ بِهِ الْكُهَّانُ فَيُصِيبُونَ بَعْضًا وَيُخْطِئُونَ بَعْضًا. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَجَبَ الشَّيَاطِينَ بِهَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي يُقْذَفون بِهَا، فَانْقَطَعَتْ الكهانةُ اليومَ فَلَا كهانةَ"1.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَمرو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبيبة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسين بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم- بمثل حديث ابن شهاب عنه.
الغيطَلة وصاحبها: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَهْم يُقَالُ لَهَا الغَيْطَلة كانت كاهنة في الجاهلية، فلما جاءها صاحبُها فِي لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي، فأنْقَض تَحْتَهَا، ثُمَّ قَالَ: أدْرِ مَا أدْرِ. يَوْمَ عَقْر ونحْر، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ حَيْنَ بَلَغَهَا ذَلِكَ: مَا يُرِيدُ؟ ثُمَّ جَاءَهَا لَيْلَةً أُخْرَى، فأنْقَض تَحْتَهَا، ثُمَّ قَالَ: شُعوب، ما شُعوب؛ تُصْرَع فيه كَعْب لجُنوب. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، قَالُوا: مَاذَا يُرِيدُ؟ إن هذا لأمر هو كائن، فانظروا