فَلَمَّا اسْتَقَرَّ رِزاح بْنُ رَبِيعَةَ فِي بِلَادِهِ، نَشَرَهُ اللَّهُ وَنَشَرَ حُنًّا، فَهُمَا قَبِيلَا عُذْرَة1 اليوم. ومد كَانَ بَيْنَ رِزَاحِ بْنِ رَبِيعَةَ، حِينَ قَدِمَ بِلَادَهُ، وَبَيْنَ نَهْد بْنِ زَيْدِ وحَوْتَكة بْنِ أسْلُم2، وَهُمَا بَطْنَانِ مِنْ قُضاعة شَيْءٌ، فَأَخَافَهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالْيَمَنِ، وأجْلَوْا مِنْ بِلَادِ قُضاعة، فَهُمْ الْيَوْمَ بِالْيَمَنِ، فَقَالَ قُصي بْنُ كِلَابٍ، وَكَانَ يُحِبُّ قُضاعة وَنَمَاءَهَا وَاجْتِمَاعَهَا بِبِلَادِهَا، لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِزَاحٍ مِنْ الرَّحِمِ، وَلِبَلَائِهِمْ عِنْدَهُ إذا أَجَابُوهُ إذْ دَعَاهُمْ إلَى نُصْرَتِهِ، وَكَرِهَ مَا صَنَعَ بِهِمْ رِزاح:

أَلَا مِنْ مُبْلغ عَنِّي رِزاحًا ... فَإِنِّي قَدْ لَحَيتك فِي اثْنَتَيْنِ

لحيتُك فِي بَنِي نَهْد بْنِ زَيْدِ ... كَمَا فرقْتَ بينهُمُ وبيْني

وحَوْتكة بنُ أسلمَ إنَّ قَوْمًا ... عَنَوْهم بالمَساءة قَدْ عَنَوْني

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَتُرْوَى هَذِهِ الْأَبْيَاتُ لزُهير بْنِ جَناب الْكَلْبِيِّ.

قصي يفضل عبد الدار على سائر ولده: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا كَبِرَ قُصَيٌّ وَرَقَّ عَظْمُهُ، وَكَانَ عَبْدُ الدَّارِ بِكْرَه، وَكَانَ عَبْدُ مَنَافٍ قَدْ شَرُف فِي زَمَانِ أَبِيهِ، وَذَهَبَ كُلَّ مذهَب، وَعَبْدُ الْعُزَّى وَعَبْدٌ. قَالَ قُصَيٌّ لِعَبْدِ الدَّارِ: أَمَا وَاَللَّهِ يَا بُنَيَّ لألحقنَّك بِالْقَوْمِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ شَرُفُوا عَلَيْكَ: لَا يَدْخُلُ رَجُلٌ مِنْهُمْ الْكَعْبَةَ، حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ تَفْتَحُهَا لَهُ، وَلَا يُعقد لِقُرَيْشٍ لِوَاءً لِحَرْبِهَا إلَّا أَنْتَ بِيَدِكَ، وَلَا يَشْرَبُ أَحَدٌ بِمَكَّةَ إلَّا مِنْ سِقَايَتِكَ، وَلَا يَأْكُلُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْسِمِ طَعَامًا إلَّا مِنْ طَعَامِكَ، وَلَا تَقْطَعُ قريشٌ أَمْرًا مِنْ أُمُورِهَا إلَّا فِي دَارِكَ، فَأَعْطَاهُ دارَه دارَ النَّدْوَةِ، الَّتِي لَا تُقضي قُرَيْشٌ أَمْرًا مِنْ أُمُورِهَا إلَّا فِيهَا، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015