(إمَارَةُ ابْنِ رَوَاحَةَ وَمَقْتَلُهُ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: فَلَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الرَّايَةَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا، وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ، وَيَتَرَدَّدُ بَعْضَ التَّرَدُّدِ، ثُمَّ قَالَ:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ ... لَتَنْزِلِنَّ أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ

إنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرّنّه ... مَا لي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ [1]

قَدْ طَالَ مَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... هَلْ أَنْتِ إلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ [2]

وَقَالَ أَيْضًا:

يَا نَفْسُ إلَّا تُقْتَلِي تَمُوتِي ... هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيَتْ

وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتُ ... إنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتُ

يُرِيدُ صَاحِبَيْهِ: زَيْدًا وَجَعْفَرًا، ثُمَّ نَزَلَ. فَلَمَّا نَزَلَ أَتَاهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ بِعَرْقٍ [3] مِنْ لَحْمٍ فَقَالَ: شُدَّ بِهَذَا صُلْبَكَ، فَإِنَّكَ قَدْ لَقِيتُ فِي أَيَّامِكَ هَذِهِ مَا لَقِيتُ، فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ انْتَهَسَ [4] مِنْهُ نَهْسَةً، ثُمَّ سَمِعَ الْحَطْمَةَ [5] فِي نَاحِيَةِ النَّاسِ، فَقَالَ:

وَأَنْتَ فِي الدُّنْيَا! ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَتَقَدَّمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

(ابْنُ الْوَلِيدِ وانصرافه بِالنَّاسِ) :

ثمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ [6] أَخُو بَنِي الْعَجْلَانِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اصْطَلِحُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ، قَالُوا: أَنْتَ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلِ. فَاصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015