قَالَ ابْن إِسْحَاق: ثمَّ الْتَقَى النَّاسُ وَاقْتَتَلُوا، فَقَاتَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِرَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَاطَ [1] فِي رِمَاحِ الْقَوْمِ.
ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ بِهَا، حَتَّى إذَا أَلْحَمَهُ الْقِتَالُ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ [2] شَقْرَاءَ، فَعَقَرَهَا [3] ، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ. فَكَانَ جَعْفَرٌ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَقَرَ فِي الْإِسْلَامِ [4] .
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ قَالَ: وَاَللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى جَعْفَرٍ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، ثُمَّ عَقَرَهَا ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا ... طَيِّبَةً وَبَارِدًا شَرَابُهَا
وَالروم روم قددنا عَذَابُهَا ... كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا
عَلَيَّ إذْ لَاقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقَطِعَتْ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ فَقُطِعَتْ، فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَأَثَابَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ جَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ. وَيُقَالُ: إنَّ رَجُلًا مِنْ الرُّومِ ضَرَبَهُ يَوْمَئِذٍ ضَرْبَةً، فَقَطَعَهُ [5] بِنِصْفَيْنِ.