قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ يُكْرِمُهُ مَنْ أَدْرَكْتُ، كَأَبِي حَمْزَةَ، وَسَعْدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَالجُنَيْدِ، وَابْنِ الخَلَنْجِيِّ، وَيُحِبُّوْنَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ، فَمَا أَغْلَقَ بَاباً، وَلاَ ادَّخَرَ شَيْئاً عَنْ أَصْحَابِهِ، وَحَضَرْنَا لَيْلَةَ عُرْسِهِ (?) وَمَعَنَا الجُنَيْدُ، وَرُوَيْمٌ، وَمَعَنَا قَارِئ يَقُوْلُ قَصَائِدَ فِي الزُّهْدِ، فَمَا زَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَامَّةَ لَيْلِهِ فِي النَّحِيْبِ وَالحَرَكَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَحَجَّ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَمَاتَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ذَهَابِ الوَفْدِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أَمِيْرُ مَكَّةَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ: قَالَ لِي أَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ:
فَرَّقَ رَجُلٌ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً عَلَى الفُقَرَاءِ، فَقَالَ لِي سَمنُوْنَ: أَمَا تَرَى مَا أَنْفَقَ هَذَا، وَمَا قَدْ عَمِلَهُ؟ وَنَحْنُ لاَ نَرْجعُ إِلَى شَيْءٍ نُنْفِقُهُ، فَامضِ بِنَا إِلَى مَوْضِعٍ.
فَذَهَبْنَا إِلَى المَدَائِنَ، فَصَلَّيْنَا أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ رَكْعَةٍ (?) .
مَرَّ مَعَ آبَائِهِ (?) .
وَهُوَ: الأَمِيْرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ بنِ هِشَامِ ابنِ الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ ابنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
مِنْ خِيَارِ مُلُوْكِ المَرْوَانِيَّةِ.
كَانَ ذَا فَضْلٍ وَدِيَانَةٍ، وَعِلْمٍ وَفَصَاحَةٍ، وَإِقدَامٍ وَشَجَاعَةٍ، وَعَقْلٍ وَسِيَاسَةٍ.