وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا حَمْزَةَ تَكَلَّمَ يَوْماً عَلَى كُرْسِيِّهِ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ يَذْكُرُ النَّاسَ، فَتَغيَّرَ عَلَيْهِ حَالُهُ وَتَوَاجَدَ فَسَقَطَ عَنْ كُرْسِيِّهِ، فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.

نَقَلَ الخَطِيْبُ وَفَاتَهُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ (?) .

وَأَمَّا السُّلَمِيُّ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (?) .

قُلْتُ: تَصَحَّفَتْ وَاحِدَةٌ بِالأُخْرَى، وَالصَّوَابُ: سِتِّيْنَ لاَ ثَمَانِيْنَ.

وَكَذَا وَرَّخَهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، وَقَالَ: جَاءَ مِنْ طَرَسُوْسَ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، وَمَا زَالَ مَقْبُوْلاً، حَضَرَ جِنَازَتَهُ أَهْلُ العِلْمِ وَالنُّسكِ، وَغَسَّلهُ جَمَاعَةٌ مِن بَنِي هَاشِمٍ، وَقُدِّمَ الجُنَيْدُ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَامْتَنَعَ، فَتَقَدَّم وَلَدُهُ، وَكُنْتُ بَائِتاً فِي مَسْجِدِهِ لَيْلَةَ مَوْتِهِ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يَتْلُو حِزْبَهُ، حَتَّى خَتَمَ تِلْكَ اللَّيْلَة.

وَكَانَ صَاحِبَ لَيْلٍ، مُقَدَّماً فِي عِلْمِ القُرْآنِ، وَخَاصَّةً فِي قِرَاءةِ أَبِي عَمْرٍو، وَحَمَلَهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ.

وَكَانَ سَبَبَ عِلَّتِهِ أَنَّ النَّاسَ كَثرُوا، فَأُتِي بكُرْسِيٍّ، فَجَلَسَ، وَمَرَّ فِي كَلاَمِهِ شَيْءٌ أَعْجَبَهُ، فَرَدَّدَهُ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَسَقَطَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا يُصِيْبُهُ كَثِيْراً، فَانْصَرَفَ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَتَعَلَّلَ، وَدُفِنَ فِي الجُمْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدِ الصَّلاَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَفَاءِ الذِّكْرِ، وَجَمَعَ الهَمَّ وَالمَحَبَّةَ، وَالشَّوْقَ وَالقُرْبَ وَالأُنْسَ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ، وَهُوَ مَوْلَى لِعِيْسَى بنِ أَبَانٍ القَاضِي، وَقَدْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: يَا صُوفِيُّ! مَا تَقُوْلُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015