هَذَا فَرَسُ الزِّنْدِيْقِ (?) .
قَالَ أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاجُ (?) صَاحِبُ (اللمع) : بَلَغَنِي أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الحَارِثِ المُحَاسِبِي، فَصَاحَتْ شَاةٌ: مَاع.
فَشَهَقَ، وَقَالَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي.
فَغَضِبَ الحَارِثُ، وَأَخَذَ السِّكِيْنَ، وَقَالَ: إِنْ لَمْ تَتُبْ أَذْبَحْكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِقْسَمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ الخَيَّاطُ (?) ، سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، قَالَ:
بَيْنَا أَنَا أَسِيْرُ وَقَدْ غَلَبَنِي النَّوْمُ، إِذ وَقَعْتُ فِي بِئْرٍ، فَلَمْ أَقْدِرْ أَطْلَع لِعُمْقِهَا.
فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذ وَقَفَ عَلَى رَأْسِهَا رَجُلاَنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: نَجُوْزُ وَنَتْرُكُ هَذِهِ فِي طَرِيْقِ السَّابِلَةِ؟
قَالَ: فَمَا نَصْنَعُ؟
قَالَ: نَطُمُّهَا.
فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُوْلَ: أَنَا فِيْهَا، فَتَوَقَرْتُ (?) : تَتَوَكَّلُ عَلَيْنَا وَتَشْكُو بَلاَءنَا إِلَى سِوَانَا؟!
فَسَكَتُّ، فَمَضَيَا، وَرَجَعَا بِشَيْءٍ جَعَلاَهُ عَلَى رَأْسِ البِئرِ غَطّوْهَا بِهِ، فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: أَمِنْتَ طَمَّهَا، وَلَكِنْ حَصَلْتَ مَسْجُوناً فِيْهَا.
فَمَكَثْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، نَادَانِي شَيْءٌ، يَهْتِفُ بِي وَلاَ أَرَاهُ: تَمَسَّكْ بِي شَدِيْداً.
فَمَدَدْتُ يَدَي، فَوَقَعْتُ عَلَى شَيْءٍ خَشِنٍ، فَتَمَسَّكْتُ بِهِ، فَعَلاَ، وَطَرَحَنِي، فَتَأَمَّلْتُ فَوْقَ الأَرْضِ فَذَا هُوَ سَبُعٌ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لَحِقَنِي شَيْءٌ، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! اسْتَنْقَذْنَاكَ مِنَ البَلاَءِ بِالبَلاَءِ، وَكَفَينَاك مَا تَخَافُ بِمَا تَخَافُ (?) .