قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: رَأَيْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يُصَلِّي، فَمَا رَأَيْتُ مُسْلِماً يُشْبِهُهُ فِي حُسْنِ تَوَاضُعِهِ (?) .
وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ يَخْتَلِفُ إِلَى دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ مُدَّةً، ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْهُ، وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ مَجْلِساً، فَأَنْشَأَ دَاوُدُ يَتَمَثَّل:
فَلَوْ أَنِّي بُلِيْتُ بِهَاشِمِيٍّ ... خُؤُوْلَتُهُ بَنُوَة عَبْدِ المَدَانْ
صَبَرْتُ عَلَى أَذَاهُ لِي وَلَكِنْ ... تَعَالَيْ فَانْظُرِيْ بِمَنِ ابْتَلاَنِي (?)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقُ:
أَنَّهُ كَانَ يُورق عَلَى دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَأَنَّهُ سَمِعَهُ يُسْأَلُ عَنِ القُرَآنِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي فِي اللَّوْحِ المَحْفُوْظِ: فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَمَّا الَّذِي هُوَ بَيْنَ النَّاسِ: فَمَخْلُوْقٌ (?) .
قُلْتُ: هَذِهِ التَّفرِقَةُ وَالتَّفْصِيلُ مَا قَالَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، فِيمَا عَلِمْتُ، وَمَا زَالَ المُسْلِمُوْنَ عَلَى أَنَّ القُرَآنَ العَظِيْمَ كَلاَمُ اللهِ، وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيْلُهُ، حَتَّى أَظْهَرَ المَأْمُوْنَ القَوْلَ: بِأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ، وَظَهَرَتْ مَقَالَةُ المُعْتَزِلَةِ، فَثَبَتَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَئِمَةُ السُّنَّةِ عَلَى القَوْلِ: بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، إِلَى أَنْ ظَهَرَتْ مَقَالَةُ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الكَرَابِيْسِي (?) ، وَهِيَ: أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوْقَةٌ، فَأَنْكَرَ الإِمَامُ أَحْمَدُ ذَلِكَ، وَعَدَّهُ بِدْعَةً، وَقَالَ: مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، يُرِيْدُ بِهِ القُرْآنَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ (?) . وَقَالَ أَيْضاً: مَنْ