فَأَخَذْتُ أَنْظُرُ، فَصَاحَ بِي إِسْحَاقُ: أَيْش تَنْظُرُ؟

فَقُلْتُ: {مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يُوْسُفُ:75] ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْحَكُ، أَوْ يَبْتَسِمُ (?) .

سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، فَاخْتَلَفَ رَجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي أَمْرِ دَاوُد الأَصْبهَانِي، وَالمُزَنِيّ، وَالرَّجُلاَنِ: فَضْلَكُ الرَّازِيُّ، وَابْنُ خِرَاشٍ، فَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: دَاوُدُ كَافِرٌ.

وَقَالَ فَضْلَكُ: المُزَنِيُّ جَاهِلٌ.

فَأَقْبَلَ أَبُو زُرْعَةَ يُوَبِّخُهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا: مَا وَاحِدٌ مِنْكُمَا لَهُمَا بِصَاحِبٍ.

ثُمَّ قَالَ: تَرَى دَاوُدَ هَذَا، لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يِقْتَصِرُ عَلَيْهِ أَهْلُ العِلْمِ لَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُكْمِدُ أَهْلَ البِدَعِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ البَيَانِ وَالآلَةِ (?) ، وَلَكِنَّهُ تَعَدَّى، لَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَيْسَابُوْرَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَمَشْيَخَةِ نَيْسَابُورَ بِمَا أَحْدَثَ هُنَاكَ، فَكَتَمْتُ ذَلِكَ لِمَا خِفْتُ مِنْ عَوَاقِبِهِ، وَلَمْ أُبْدِ لَهُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ حُسْنٌ، فَكَلَّمَ صَالِحاً أَنْ يَتَلَطَّفَ لَهُ فِي الاسْتِئذَانِ عَلَى أَبِيْهِ، فَأَتَى صَالِحٌ أَبَاهُ، فَقَالَ: رَجُلٌ سَأَلَنِي أَنْ يَأْتِيْكَ، فَقَالَ: مَا اسْمُهُ؟

قَالَ: دَاوُدُ.

قَالَ: مِنْ أَيْنَ هُوَ؟

قَالَ: مِنْ أَصْبَهَانَ.

فَكَانَ صَالِحٌ يَرُوْغُ عَنْ تَعْرِيْفِهِ، فَمَا زَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ يَفْحَصُ، حَتَّى فَطِنَ بِهِ، فَقَالَ: هَذَا قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى فِي أَمْرِهِ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ القُرَآنَ مُحْدَثٌ، فَلاَ يَقْرَبَنِّي.

فَقَالَ: يَا أَبَهْ! إِنَّهُ يَنْتَفِي مِنْ هَذَا وَيُنْكِرَهُ.

فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَصَدَقُ مِنْهُ، لاَ تَأْذَنْ لَهُ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015