فَصيح عِنْد أَهْل ذَلِكَ اللِّسَان، وَكَانَ حليماً، بَطِيء الغَضَب، مُتَوَاضِعاً، دَيِّناً، صَالِحاً، كَثِيْر الصَّدَقَة، متفقّداً لِلْفُقَرَاء وَالطّلبَة؛ تَفَقَّهَ أَوَّلاً لأَبِي حَنِيْفَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعِيّاً بَعْد عُلُوِّ سنّه، وَوَلِيَ تدرِيس النَّحْو بِالنّظَامِيَّة، إِلَى أَنْ مَاتَ، قَرَأْت عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتح فَمِي بِالعِلْمِ، لأَنْ أُمِّي أَسلمتَنِي إِلَيْهِ وَلِي عشر سِنِيْنَ، فَكُنْت أَقرَأُ عَلَيْهِ القُرْآن وَالفِقْه وَالنَّحْو، وَأُطَالع لَهُ ليلاً وَنَهَاراً، وَإِذَا مَشَى، كُنْت آخذاً بِيَدِهِ، وَكَانَ ثِقَةً، نبيلاً، أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:

أَيُّهَا المَغْرُوْر بِالدُّنْيَا انتبِه ... إِنَّهَا حَالٌ ستفنَى وَتحوْلُ

وَاجتهِدْ فِي نِيلِ مُلْكٍ دَائِمٍ ... أَيُّ خَيْرٍ فِي نَعيمٍ سَيَزُولُ

لَوْ عَقلْنَا مَا ضَحِكْنَا لَحْظَةً ... غَيْر أَنَّا فُقِدَتْ مِنَّا العُقُوْلُ

قَالَ: مَوْلِدُهُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ (?) ، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ (?) ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ، وَكُنْت بِنَيْسَابُوْرَ.

قُلْتُ: فِيْهِ نَظم المُؤَيَّد ابْن التَّكرِيتِيّ (?) :

وَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي الوَجِيْهَ رِسَالَةً (?) ... وَإِنْ كَانَ لاَ تُجْدِي لَدَيْهِ الرَّسَائِلُ

تَمَذْهَبْتَ لِلنُّعْمَانِ بَعْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ ... وَذَلِكَ لَمَّا أَعْوَزَتْك المآكِلُ

وَمَا اخْتَرتَ رَأْي الشَّافِعِيّ دِيَانَةً ... وَلَكِنَّمَا تَهوَى الَّذِي هُوَ حَاصِلُ

وَعَمَّا قَلِيْلٍ أَنْتَ لاَ شَكَّ صَائِرٌ ... إِلَى مَالِكٍ فَافْطَنْ لِمَا أَنَا قَائِلُ!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015