قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (?) : حَكَى لِي نَجْمُ الدِّيْنِ بنُ سَلاَّمٍ عَنْ وَالِدِه:
أَنَّ الفِرَنْجَ لَمَّا نَزلَتْ عَلَى دِمْيَاطَ، مَا زَال نُوْرُ الدِّيْنِ عِشْرِيْنَ يَوْماً يَصُوْمُ، وَلاَ يُفْطِرُ إِلاَّ عَلَى المَاءِ، فَضَعُفَ وَكَادَ يَتلَفُ، وَكَانَ مَهِيْباً، مَا يَجسُرُ أَحَدٌ يُخَاطِبَه فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ إِمَامُه يَحْيَى: إِنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ: يَا يَحْيَى، بَشِّرْ نُوْرَ الدِّيْنِ بِرَحِيْلِ الفِرَنْجِ عَنْ دِمْيَاطَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رُبَّمَا لاَ يُصدِّقُنِي.
فَقَالَ: قُلْ لَهُ: بِعَلاَمَةِ يَوْمِ حَارِمَ.
وَانتَبَهَ يَحْيَى، فَلَمَّا صَلَّى نُوْرُ الدِّيْنِ الصُّبْحَ، وَشَرَعَ يَدْعُو، هَابَهُ يَحْيَى، فَقَالَ لَهُ: يَا يَحْيَى، تُحَدِّثُنِي أَوْ أُحَدِّثُكَ؟
فَارْتَعَدَ يَحْيَى، وَخَرسَ، فَقَالَ: أَنَا أُحَدِّثُكَ، رَأَيْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَقَالَ لَكَ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: نَعَمْ، فَبِاللهِ يَا مَوْلاَنَا، مَا مَعْنَى قَوْلِه بِعَلاَمَةِ يَوْمِ حَارِمَ؟
فَقَالَ: لَمَّا التَقَينَا العَدُوَّ، خِفْتُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَانْفرَدْتُ، وَنَزَلْتُ، وَمَرَّغْتُ وَجْهِي عَلَى التُّرَابِ، وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي مَنْ مَحْمُوْدٌ فِي الْبَين، الدِّيْنُ دِيْنُكَ، وَالجُنْدُ جُنْدُكَ، وَهَذَا اليَوْمَ افْعَلْ مَا يَلِيْقُ بِكَرَمِكَ.
قَالَ: فَنَصَرَنَا اللهُ عَلَيْهِم.
وَحَكَى لِي تَاج الدِّيْنِ، قَالَ: مَا تَبسَّم نُوْر الدِّيْنِ إِلاَّ نَادراً، حَكَى لِي جَمَاعَة مِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَنَّهُم قَرَؤُوا عَلَيْهِ حَدِيْث التَّبَسُّمِ، فَقَالُوا لَهُ: تَبسَّمْ.
قَالَ: لاَ أَبتسمُ مِنْ غَيْرِ عجب (?) .
قُلْتُ: الخَبَر لَيْسَ بصَحِيْح، وَلَكِنَّ التَّبَسُّم مُسْتَحَبٌّ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيْكَ صَدَقَةٌ (?)) .
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا حَجَبنِي