وَفِي ذِي القَعْدَةِ بلغت غرَارَة الْقَمْح بِدِمَشْقَ أَلْفاً وَمائتَيْ دِرْهَمٍ.

وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ: عَاثَت الخُوَارِزْمِيَّة وَتَخَرّبت القُرَى، فَالتقَاهُم عَسْكَرُ حَلَبَ وَحِمْصَ، فَكُسرُوا شَرَّ كَسْرَةٍ عَلَى بُحَيْرَةِ حِمْصَ، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُم بَرَكَة خَان، وَحَار الصَّالِح إِسْمَاعِيْل فِي نَفْسِهِ، وَالْتَجَأَ إِلَى صَاحِبِ حَلَبَ.

وَفِيْهَا خِتَانُ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَدِيِ الخَلِيْفَة وَأَخِيْهِ عليّ، فَمَنِ الوليمَة أَلفٌ وَخَمْسُ مائَةِ رَأْسِ شوَاءٍ.

وَقَدِمَ رَسُوْلاَنِ مِنَ التَّتَار أَحَدهُمَا مِنْ بَركَة، وَالآخرِ مِنْ بايجُو، فَاجْتَمَعُوا بِابْنِ العَلْقَمِيّ، وَتعمّت الأَخْبَار.

وَفِيْهَا أَخذتِ الفِرَنْجُ شَاطِبَةَ.

وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ: رَاح الصَّالِح إِلَى مِصْرَ، وَخلّف جَيْشَهُ يُحَاصِرُوْنَ عَسْقَلاَن وَطَبَرِيَة فَافْتَتَحُوهُمَا، وَحَاصَرَ الحَلَبِيُّوْنَ حِمْص أَشْهُراً، وتَعِبَ صَاحِبهَا الأَشْرَف فَسلَّمهَا، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِتَلِّ بَاشِرَ فِي سَنَةِ سِتّ.

وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ: هَجَمت الفِرَنْج دِمْيَاط فِي ربيع الأول، فهرب النَّاسُ مِنَ البَابِ الآخرِ، وَتَمَلَّكَهَا الفِرَنْج صَفْواً عَفْواً -نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ، وَكَانَ السُّلْطَان بِالمَنْصُوْرَةِ، فَغَضِبَ عَلَى أَهْلِهَا، وَشَنَقَ سِتِّيْنَ مِنْ أَعيَانِ أَهْلهَا، وَذَاقُوا ذُلاً وَجوعاً، وَاسْتوحشَ العَسْكَر مِنَ السُّلْطَانِ، -وَقِيْلَ: هَمَّ مَمَالِيْكُه بِقَتْلِهِ، فَقَالَ نَائِبه فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ: اصبِرُوا فَهُوَ عَلَى شفَا، فَمَاتَ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ، وَأُخْفِيَ مَوْتُهُ إِلَى أَنْ أُحْضِرَ ابْنُهُ المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه مِنْ حِصنِ كَيْفَا، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَلِيْلاً وَقَتَلُوْهُ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ المَنْصُوْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَسَاقت الفِرَنْج إِلَى الدِّهْلِيْز، فَخَرَجَ نَائِب السّلطنَةِ فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ وَقَاتَلَ فَقُتِلَ، وَانْهَزَم المُسْلِمُوْنَ وَعَظُمَ الخَطْبُ، ثُمَّ تَنَاخَى العَسْكَر وَكَرُّوا عَلَى العَدُوِّ فَطَحَنُوهُم، وَقَتَلُوا خَلْقاً، وَنَزَلَ النَّصْرُ.

ثُمَّ فِي ذِي الحِجَّةِ كَانَ وُصُوْل المُعَظَّمِ، وَكَانَ نَوَى أَنْ يَفتك بِفَخْرِ الدِّيْنِ، لأَنَّه بَلَغَهُ أَنَّهُ رَامَ السَّلْطَنَةَ.

وَاستهلّت سَنَةَ ثَمَانٍ: وَالفِرَنْج عَلَى المَنْصُوْرَةِ بِإِزَاء المُسْلِمِيْنَ، وَلَكِنهُم فِي ضَعْفٍ وَجُوْعٍ، وَمَاتَتْ خَيلهُم، فَعزم الفَرنسِيسُ عَلَى الرُّكوبِ ليلاً إِلَى دِمْيَاط، فَعَلِمَ المُسْلِمُوْنَ، وَكَانَتِ الفِرَنْج قَدْ عَملُوا جِسْراً عَظِيْماً عَلَى النِّيلِ، فَذَهلُوا عَنْ قطعه، فَدَخَلَ مِنْهُ المُسْلِمُوْنَ فَكَبَسُوهُم، فَالتَجَأَتِ الفِرَنْج إِلَى مُنْيَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فأحاط بهم الجيش، وظفر أسطول المسلمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015