أَبِيْهِ، وَتيقّظه، وَعُلُوِّ هِمْتِهِ، وَإِقدَامِهِ، وَإِنَّمَا قَدَّمُوْهُ عَلَى عَمِّهِ الخَفَاجِيّ لِمَا يَعلمُوْنَ مِنْ لِينهِ وَانْقِيَادِهِ وَضَعفِ رَأْيِه لِيَستَبِدُّوا بِالأُمُوْر.
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْزَر المُؤَيَّد ابْنَ العَلْقَمِيّ الرَّافضِيّ، فَأَهْلك الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَحَسَّن لَهُ جَمعَ الأَمْوَال، وَأَنَّ يَقتصِرَ على بعض العساكر، فقطع أكثرهم، وكان يعلب بِالحَمَّامِ، وَفِيْهِ حرص وَتوَانٍ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ: عَاثت الخُوَارِزْمِيَّةُ بقُرَى الشَّامِ.
وَصَالَحَتِ التَّتَارُ صَاحِبَ الرُّوْمِ عَلَى أَلفِ دِيْنَارٍ، وَفرس وَمَمْلُوْك وَجَارِيَة فِي كُلِّ نَهَارٍ، بَعْدَ أَنِ اسْتبَاحُوا قَيْصَرِيَّةَ.
وَأُهْلِكَ قَاضِي القُضَاةِ بِدِمَشْقَ الرّفِيع الجِيْلِيّ.
وَدَخَلت الفِرَنْج القُدْس، وَرشُّوا الخَمْرَ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَذَبَحُوا عِنْدَهَا خِنْزِيْراً، وَكَسَرُوا مِنْهَا شقفة.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ: كَانَ حِصَارُ الخُوَارِزْمِيَّةِ عَلَى دِمَشْقَ فِي خدمَةِ صَاحِب مِصْر، وَاشتدَّ القَحط بِدِمَشْقَ ثُمَّ التَقَى الشَّامِيُّوْنَ وَمَعَهُم عَسْكَر مِنَ الفِرَنْج وَالمِصْرِيّون وَمَعَهُمُ الخُوَارِزْمِيَّةُ بَيْنَ عَسْقَلاَنَ وَغَزَّةَ، فَانْهَزَم الجمعَانِ، وَلَكِن حَصَدَتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ الفِرَنْجَ فِي سَاعَةٍ ثُمَّ أَسرُوا مِنْهُم ثَمَانِي مائَةٍ. وَيُقَالُ: زَادت القَتْلَى عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. وَاندكَّ صَاحِب حِمْص، وَنُهِبَتْ خَزَائِنُه وَبَكَى، وَقَالَ: قَدْ علمت بِأَنَّا لاَ نُفلح لَمَّا سِرْنَا تَحْتَ الصُّلبَانِ، وَاشتدَّ الحصَارُ عَلَى دِمَشْقَ.
وَجَاءت مِنَ الحَجّ أُمُّ المُسْتَعْصِم وَمُجَاهِد الدِّيْنِ الدُّوَيْدَار وَقيرَان، وَكَانَ وَفداً عَظِيْماً.
وَمَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ النَّاقِدِ، فَوزرَ المُؤَيَّدُ ابْنُ العَلْقَمِيّ وَالأُسْتَاذُ دَارِيَة لِمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَدَخَلت سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَالحصَار عَلَى دِمَشْقَ وَتَعَثَّرت الرَّعِيَّة وَخَربت الحوَاضرُ، وَكَثُرَ الفنَاءُ، وَفِي الآخَرِ ترك البَلَدَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ، وَصَاحِبُ حِمْص، وَتَرَحَّلاَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَدَخَلَ البَلَدَ مُعِيْنُ الدِّيْنِ حَسَنٌ ابْنُ الشَّيْخِ، وَحَكَمَ وَعَزل مِنَ القَضَاء مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنَ الزَّكِيّ، وَوَلَّى صَدْر الدِّيْنِ ابْنَ سَنِيِّ الدَّوْلَة.
وَجَاءَ رَسُوْلُ الخِلاَفَةِ ابْنُ الجَوْزِيِّ بِخِلَعِ السَّلْطَنَةِ لِلملكِ الصالح نجم الدين.
وَفِيْهَا جَاءت فِرقَة مِنَ التَّتَار إِلَى بعقوبَا فَالتقَاهُم الدُّوَيْدَار، فَكسرهُم.