مَنْ كَنَّاهُ أَبَا القَاسِمِ كَالسَّخَاوِيِّ وَغَيْرهِ، لَمْ يَجْعَلْ لَهُ اسْماً سِوَاهَا. وَالأَكْثَرُوْنَ عَلَى أَنَّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ.
وَذكرَهُ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصلاَحِ فِي "طبقَاتِ الشَّافِعِيَةِ".
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَلاَ بِبلدِه بِالسّبعِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي العَاصِ النَّفْرِيّ، وَرَحَلَ إِلَى بَلَنْسِيَة، فَقَرَأَ القِرَاءاتِ عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ هُذَيْلٍ، وَعَرضَ عَلَيْهِ "التَّيْسِيْرَ"، وَسَمِعَ مِنْهُ الكُتُب، وَمِنْ أَبِي الحَسَنِ ابْنِ النِّعْمَةِ، وأبي عبد الله ابن سَعَادَةَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَاشِرٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَعُلَيْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَارْتَحَلَ لِلْحَجِّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذَكَاءً. لَهُ البَاعُ الأَطولُ فِي فَنِّ القِرَاءاتِ وَالرّسمِ وَالنَّحْوِ وَالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَلَهُ النَّظمُ الرَّائِقُ، مَعَ الوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَالتَأَلُّهِ وَالوَقَارِ.
اسْتَوْطَنَ مِصْر، وَتَصدّرَ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ خَيْرَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الجنجَالِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ وَضَّاحٍ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الجُمَّيْزِيِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ قَارِئُ مُصحفِ الذَّهَبِ.
وَقرَأَ عَلَيْهِ بِالسَّبْعِ: أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ يُوْسُفَ المقدسي، وعبد الرحمن بنُ سَعِيْدٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بن عمر القرطبي، وأبو الحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، وَالزَّيْنُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُرْدِيُّ، وَالسَّدِيْدُ عِيْسَى بنُ مَكِّيٍّ، وَالكَمَالُ عَلِيُّ بنُ شُجَاعٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: أَخْبَرَنَا السَّخَاوِيُّ: أَنَّ سَبَبَ انتِقَالَ الشَّاطِبِيِّ مِنْ بَلدِه أَنَّهُ أُرِيْدَ عَلَى الخَطَابَةِ، فَاحتجَّ بِالحَجِّ، وَتركَ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَعد إِلَيْهِ تَوَرُّعاً مِمَّا كَانُوا يُلزمُوْنَ الخُطَبَاءَ مِنْ ذِكرهِمُ الأُمَرَاءَ بِأَوْصَافٍ لَمْ يَرهَا سَائِغَةً، وَصبرَ عَلَى فَقرٍ شَدِيدٍ، وَسَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ، فَطَلَبَهُ القَاضِي الفَاضِلُ لِلإِقْرَاءِ بِمَدْرَسَتِه، فَأَجَابَ عَلَى شُرُوْطٍ، وَزَار بَيْتَ المَقْدِسِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ السَّخَاوِيُّ: أَقطعُ بِأَنَّهُ كَانَ مكَاشَفاً، وَأَنَّهُ سَأَلَ اللهَ كَفَّ حَالِه.
قَالَ الأَبَّارُ: تَصَدَّرَ بِمِصْرَ، فَعظمَ شَأْنُه، وَبعُدَ صِيتُه، انتهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الإِقْرَاءِ، وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي الثَّامن وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَلَهُ أَوْلاَدٌ رَوَوْا عَنْهُ مِنْهُم أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٌ.